شبكة الطرق والموانيء والسلع العمانية
تعد الموانىء واجهة الدول والأقاليم، والذراع التي تأخذ وتعطي من خلالها . وظهرت على سواحل المحيط
الهندي وجزره شبكة متكاملة من الموانىء البحرية ، ترتبط ببعضها بعضًا بطرق ملاحية، وهو ما مكن من ظهور شبكة
مترابطة من المراكز التجارية عبر العصور التاريخية المختلفة، فكانت هذه الموانىء المنفذ والممر لخيرات دولها وأقاليمها،
والمصدر لمناطق الطلب والحاجة لغيرها .
وبسبب كثرة ثروات المحيط الهندي وتنوعها ، وشدة الطلب عليها ، كثرت وتعددت الطرق والموانىء التجارية البحرية في تلك المنطقة منذ العصور التاريخية القديمة. ومن أبرز الموانىء التي كانت مراكز رئيسة لتواجد السفن العمانية عبر شبكة
الطرق الملاحية ما يأتي :
أولا :موائى ساحل عُمان
١- ظفار :
ميناء الجنوب العماني ، ارتبط بتجارة الذهب واللبان والبخور منذ القدم ، كما ارتبطت به كافة الطرق الملاحية عبر مياه المحيط الهندي ، والطرق البرية داخل شبه الجزيرة العربية ، نشط تجّاره وبحارته فجابوا أعالي البحار ، وأصبح قبلة التجار ، لا
سيما في القرنين الخامس والسادس الهجريين .
٢- صور :
من أشهر المحطات والموانىء التجارية على سواحل عمان والخليج العربي والمحيط الهندي قاطبة، ويمثل عقدة المواصلات البحرية في العصور القديمة والإسلامية، وحتى الاكتشافات الجغرافية، وارتبط بهذا الميناء كل من ميناءي مصيرة
وقلهات وهما من المحطات المهمة للبحرية العمانية .
٣- مسقط :
على الرغم من ندرة المعلومات عن مسقط كمحطة تجارية بحرية في المصادر التاريخية ، وحيث أن إحاطة الجبال بها جعلتها في عزلة عن داخلية عمان ، إلا أنها كانت محطة تجارية للتزود بالمياه وراحة المسافرين وتبادل السلع، وظهرت أهميتها
منذ العصور الحديثة .
٤- صحار :
من الموانىء المهمة في ساحل خليج عمان ، وعرفت منذ العصور القديمة ،وزادت شهرتها في العصور الإسلامية حتى وصفها الرحالة والجغرافيون بأنها أعمر مكان في دار الإسلام ، وقصبة عمان.
وذكرت المصادر مدى تنوع تجارة أهل صحار وتراثهم ونشاطهم الواسع ، وأصبحت مقراً للعديد من الأثرياء من كافة
الأعراق والديانات، كما أصبحت صحار مركزاً لعمليات تعدين وصهر النحاس، وكانت عملة أهلها الدينار الذهبي.
وأصبحت خزانة تجارة المحيط والخلیج وعمان .
كما ظهرت موانىء أخرى على ساحل عمان مثل مرباط ، وقريات ، ودبا . وهكذا مثلت السواحل العمانية شريطاً بحرياً من مختلف الموانىء التجارية ، وكان لكل ميناء نشاطه وظهيره ووجهة سفنه ومجاله الحيوي. ونشطت الموانىء العمانية في
العمل في تناغم وانسجام فأثْرت دور عمان في مسيرة التجارة والتواصل الحضاري .
ثانياً: موانئ الساحل الأفريقي الشرقي
1- ميناء ماليندي:
وتكمن اهمیته في انه من الموانىء التي اشتهرت بتجارة المنسوجات والذهب والعاج، وظل من
أجمل موانىء شرقي أفريقيا في العصور الحديثة .
2- ميناء ممباسا
وتكمن اهمیته في انه ارتبط بتجارة الذهب والعاج .
3- ميناء زنجبار
وتكمن اهمیته في انه أصبح من أهم مراكز تجارة المحيط الهندي والعالم زمن الدولة البوسعيدية ،
ولاسيما حينما اتخذ منها السيد سعيد بن سلطان مركزاً لحكمه (١٨٣٢م).
مواني أخرى :
مثل : مقديشو ، كلوه ، موزمبیق ، جزر القمر ، ومدغشقر ، واشتهرت معظمها بتجارة الذهب والعاج والجلود .
ثالثا: موانيء الساحل الهندي
١- جوادر
محطة للسفن والتجار بين الخليج العربي وساحل مليبار وكجرات .
٢- الديبل
من أهم موانىء إقليم السند ، وكان منفذاً لسلع الدكن ومحطة مهمة لاستيراد الخيول العربية وتصدير سلع السند .
٣- كجرات
ساحل هندي مواجه لساحل عمان الشرقي ، ارتبط بالتجارة العربية ، وأصبح مركزاً لتجارة عمان، واشتهر بتصدير نباتات ومحاصيل الهند والثياب المطرزة.
٤- دیو
تركزت به تجارة التوابل خاصة ، وشجعت سلطات الميناء قدوم التجار العرب ، وأكرمت وفادتهم.
رابعاً: موائئ جنوب شرق آسيا والصين
ومن أهم المحطات : جزيرة سومطرة ، وملقا ، وجزيرة هينان الصينية ، وميناء الزيتون الصيني ، وميناء خانفو الذي يعد من أهم موانىء الصين حتى العصور الحديثة . واختصت هذه المحطات بتصدير حاصلات أقاليمها لاسيما الحرير والأقمشة
الفاخرة والمرجان والصناعات الدقيقة والمعادن .
خامساً: موانئ الخليج العربي والبحر الأحمر
١ – موانىء الخليج العربي :
مثل هرمز وسيراف وكاظمة والبصرة . واستمرت البصرة في دورها المهم تجارياً باعتبارها منفذاً للعراق ، وازدهرت بصورة خاصة في العصر العباسي ، أما هرمز فقد ازدهرت وأصبحت مملكة بحرية مع نهاية العصر العباسي وبداية العصور الحديثة ،
وانتهى دورها عام ١٦٢٢م.
٢ – موانىء البحر الأحمر :
مثل جدة، وينبع، وأملج على الساحل الشرقي للبحر الأحمر ، وسواكن في السودان ، وسفاجة والقصير على الساحل المصري .
السلع والمحاصيل التجارية
حملت السفن التجارية العمانية أنواعاً من منتجات أقاليم المحيط الهندي والأقاليم المرتبطة به إلى مناطق الاستهلاك، كما حملت إليها حاجيات شعوب المحيط الهندي.
ومن أهم هذه المنتجات :
١- المنتجات الزراعية والنباتات الطبيعية: مثل الأرز وقصب السكر والقطن والفواكه والتوابل والنباتات الطبية والقرنفل والعود والأخشاب لاسيما الساج.
٢- المنتجات المعدنية مثل الحديد والذهب والفضة والسيوف، والأحجار الكريمة مثل الياقوت . كما تم تبادل الثروات البحرية مثل اللؤلؤ والعنبر.
المؤثرات الحضارية
كان للعمانيين دور في نشر اللغة العربية ، ويدل على ذلك وجود مصطلحات عربية في اللغتين السواحيلية على البر الأفريقي والأوردية على البر الهندي ، كما دخلت مفردات عربیة عدیدة إلی لغات شعوب المحيط الهندي، کما کان للعمانیین دور بارز
في نشر الدعوة الإسلامية في مناطق المحيط الهندي من خلال اتصالهم التجاري مع هذه المناطق. وقد حملت السفن أنواعًا عديدة من السلع والمنتجات بأسمائها المحلية، ونقلت مؤثرات في العلوم والرياضيات والطب من الهند إلى العالم الإسلامي. وكذلك في المجال المعماري والفني .