
تتحدث المقالة التالية عن جدل واسع في بريطانيا حول انتهاك الحكومة لخصوصة مستخدمي أجهزة آيفون
تشهد الساحة الدولية جدلاً متصاعدًا عقب محاولات الحكومة البريطانية فرض “باب خلفي” في أنظمة آبل، بما في ذلك خدمة التخزين السحابي iCloud، وهو ما اعتبره خبراء تهديدًا مباشرًا لخصوصية ملايين المستخدمين حول العالم.
خلفية قانونية
الجدل يعود إلى تعديلات أُدخلت عام 2024 على قانون “الصلاحيات التحقيقية” في عهد رئيس الوزراء ريشي سوناك، والتي منحت الوزراء صلاحيات واسعة لفرض الوصول إلى البيانات المشفرة على الشركات التقنية، بما فيها تلك العاملة خارج بريطانيا. الهدف المعلن كان دعم جهود مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، لكن منتقدين حذروا من أن هذه الخطوة تشكل تهديدًا عالميًا لأمن المعلومات.
وبموجب هذه التعديلات، وُضعت آبل أمام خيارين صعبين: إما السماح بالوصول إلى بيانات المستخدمين أو مواجهة غرامات مالية يومية ضخمة تصل إلى 10 ملايين دولار، بالإضافة إلى تهديدات بالسجن لمسؤولي الشركة.
تداعيات دولية
هذا القرار أثار قلقًا داخل الاتحاد الأوروبي، حيث تجري مراجعة اتفاقية تبادل البيانات مع بريطانيا في 2025. استمرار الضغوط على التشفير قد يؤدي إلى تعليق الاتفاق، مما يضر بالشركات العالمية ويؤثر في تدفق البيانات عبر الحدود.
دروس من الماضي
استحضرت النقاشات قضية “Dual_EC_DRBG” التي كشفت في 2013 عن باب خلفي ضمن نظام تشفير طورته وكالة الأمن القومي الأمريكية، والذي تحول لاحقًا إلى نقطة ضعف استغلها القراصنة. هذه التجربة عززت قناعة شركات مثل جوجل ومايكروسوفت وواتساب بأن الأبواب الخلفية، مهما كان هدفها، تهدد جميع المستخدمين بلا استثناء.
التدخل الأمريكي
على نحو مفاجئ، لعبت الولايات المتحدة دورًا محوريًا في هذا الملف. إذ قاد نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، بالتعاون مع جهات أمنية واستخباراتية، مفاوضات استمرت أشهرًا مع بريطانيا، انتهت بتراجع الحكومة عن قرارها في أغسطس 2025. واشنطن رأت أن فرض الأبواب الخلفية قد يفتح الباب أمام قرارات مماثلة في دول أخرى، مما يهدد بيانات مواطنيها أيضًا.
انعكاسات على آبل والمستخدمين
قبل هذا التراجع، اضطرت آبل إلى تعطيل ميزات التشفير المتقدمة لمستخدميها في بريطانيا، وهو ما أثر على نحو 20 مليون مستخدم. لكن عقب التراجع، أعادت الشركة هذه الميزات، في خطوة اعتُبرت انتصارًا للخصوصية وأمن البيانات.
مستقبل التشفير والخصوصية
التراجع البريطاني لا يعني نهاية الصراع، بل ربما يمثل بداية مرحلة جديدة من المواجهة بين الحكومات وشركات التقنية. السؤال المطروح اليوم: هل ستستمر الدول في محاولة التحكم بالتشفير، أم سينجح المدافعون عن الخصوصية في فرض معايير تحمي المستخدمين عالميًا؟
✦ بهذا التطور، يُنظر إلى ما حدث باعتباره انتصارًا مؤقتًا للخصوصية، ورسالة واضحة بأن بيانات الأفراد لم تعد قضية تقنية فحسب، بل قضية سياسية وقانونية عالمية.