احياء

الجينات والبروتينات والطراز المظهري

الجينات والبروتينات والطراز المظهري

درست حتى الآن تأثير الجينات على الطراز المظهري من دون معرفة الآليات التي تتسبب بهذه التأثيرات. وفي هذا
الموضوع، ستتعرف على أربعة جينات تؤثر في الطرز المظهرية عند الإنسان، وعلى كيفية تأثير هذه الجينات. في هذا الموضوع سيتم استخدام طريقة مختلفة، متفق عليها، لترميز أليلات جينات الإنسان. كنت قد استخدمت حرفًا واحدًا ليرمز إلى الأليل الواحد، لكنك ستستخدم الآن لمعظم جينات الإنسان اختصارًا من ثلاثة أحرف، مكتوبة بخط مائل. هذه طريقة عامة متفق عليها إذ يستخدم جميع العلماء في العالم الذين يتضمن عملهم هذه الجينات الاختصارات نفسها. على سبيل المثال، يشار إلى جين إنتاج إنزيم تايروسينيز Tyrosinase بالاختصار TYR المكوّن من ثلاثة أحرف مكتوبة بخط مائل. ويشار إلى البروتين الذي يشفره الجين باستخدام الاختصار نفسه للجين المكوّن من ثلاثة أحرف مكتوبة بخط غير مائل (TYR).

الجين TYR، والتايروسينيز، والمهق
يقدم المهق مثالًا جيدًا على الصلة بين الجين والإنزيم والطراز المظهري للإنسان. تكون صبغة الميلانين الداكنة في المهق مفقودة كليًا أو جزئيًا من العيون والجلد والشعر. وهذا يؤدي في الإنسان إلى عيون ذات قزحية زرقاء فاتحة أو وردية، وجلد وشعر فاتحَين جدًا (الصورة ٢-٥). يبدو بؤبؤ العين بلون أحمر. وتكون الحالة مصحوبة بضعف في الرؤية، وحركات العين
السريعة، والميل إلى تجنّب الضوء الساطع. يوجد الجين TYR على الذراع الطويلة للكروموسوم 11 (الشكل ٢-٩)، حيث يوجد أليل مُتنحَّ غير طبيعي ينتج عنه المهق. ويولد في العالم سنويًا 1من كل 17000 طفل متماثل الأليلات المتنحية، فيظهر بالتالي عليهم المهق. ومع ذلك، فالحالة شائعة نسبيًا في بعض الجماعات السكانية، مثل الهوبي Hopi في أريزونا وهنود جزر كونا سان بلاس Kuna San Blas في بنما. ينتج الميلانين عن طريق مسار الأيض الآتي:

يؤدي أليل مُتنجَّ من جين التايروسينيز إلى غياب إنزيم تايروسينيز، أو وجود تايروسينيز غير نشط في الخلايا التي
يتم فيها إنتاج الميلانين، حيث لا يمكن تحويل التايروسين إلى دوبا DOPA ودوباكينون لتكوين الميلانين، فلا تتم أول
خطوتَين في تحويل الحمض الأميني تايروسين إلى ميلانين.

تتكوّن إنزيمات التايروسينيز في النباتات وفي الإنسان والحيوانات. يمكن رؤية تأثير الإنزيم في اسوداد شريحة
بطاطس تركت معرضة للهواء.

طفل مصاب بالمهق مع زملائه في جنوب أفريقيا

الجين HBB، والهيموجلوبين، وفقر الدم المنجلي يشفر الجين HBB لتتابع الأحماض الأمينية في عديد الببتيد بيتا(B)- جلوبين في الهيموجلوبين، ويوجد على الذراع القصيرة للكروموسوم 11 (الشكل ٢-٩).
يبدأ عديد الببتيد بيتا (β)- جلوبين في الأشخاص الطبيعيّين بتتابع الأحماض الأمينية الذي يشفرها الأليل الطبيعي
الآتي:
فالين – هستيدين – ليوسين – ثريونين – برولين – جلوتامين – جلوتامين – لايسين
لكن، يُستبدل تتابع القواعد CTT ب CAT الأمر الذي يحدث تغيرًا طفيفًا في تتابع الأحماض الأمينية هذه ليصبح
التتابع كالآتي:
فالين – هستيدين – ليوسين- ثريونين – برولين – فالين– جلوتامين – لايسين
يؤدي هذا الاختلاف البسيط في تتابع الأحماض الأمينية إلى اختلاف بسيط في جزيء الهيموجلوبين عندما يكون
مرتبطا مع الأكسجين. لكن عندما لا يكون مرتبطًا مع الأكسجين، فإن عديد الببتيد بيتا(β)- جلوبين غير الطبيعي
يجعل جزيء الهيموجلوبين أقل ذوبانًا، فتميل الجزيئات إلى الالتصاق بعضها ببعض مكوّنة أليافًا طويلةً داخل خلايا
الدم الحمراء، ويتغير شكل خلايا الدم الحمراء إلى شكل منجلي. وعندما يحدث هذا الالتصاق، تصبح الخلايا ذات
الشكل المنجلي غير قادرة على نقل الأكسجين. كما تعلق بالشعيرات الدموية الصغيرة، فتمنع مرور أي خلايا سليمة.
الشخص المصاب بهذا النوع غير الطبيعي من بيتا (β)- جلوبين قد يعاني فقر الدم بشدة (نقص الأكسجين الذي
ينقل إلى الخلايا)، ويمكن أن يتسبب المرض بالوفاة. فقر الدم المنجلي شائع بشكل خاص في بعض أجزاء أفريقيا
والهند.

والشخص الذي لديه نسخة واحدة من الأليل HBB الطبيعي ونسخة واحدة من أليل فقر الدم المنجلي يتكوّن لديه بعض
الهيموجلوبين الطبيعي وبعض هيموجلوبين الخلايا المنجلية. لا تظهر على المصابين أية أعراض بشكل عام، إلا إذا
وجدوا في ظروف تتطلب فيها العضلات الكثير من الأكسجين- على سبيل المثال ممارسة تمارين رياضية مجهدة.

الجين F8، والعامل الثامن (٧llI)، والهيموفيليا
يحتوي جين F8 على شيفرة لبناء بروتين يسمّى عامل التخثر الثامن Coagulation factor VIll. يتم بناء البروتين في
خلايا الكبد، ويفرز في بلازما الدم، ويؤدّي دورًا مهمًا في سلسلة الأحداث التي تتم أثناء تخثر الدم.
ينتج من الأليلات غير الطبيعية لهذا الجين أشكال غير طبيعية من بروتين العامل الثامن (VIII)، وقد يتم إنتاج كميّة
أقل من المعتاد من العامل الثامن (VlII)، أو حتى عدم إنتاجه على الإطلاق. وهذا يعني عدم تخثر الدم بشكل طبيعي،
وإمكانية حدوث نزيف شديد حتى من جروح صغيرة. تسمّى هذه الحالة الهيموفيليا Haemophilia.
يوجد جين F8 في المنطقة غير المتماثلة من الكروموسوم X، ما يعني أن الجين مرتبط بالجنس. يوجد لدى الذكور
نسخة واحدة فقط من الكروموسوم X، وبالتالي لا يمكن حجب تأثير الأليل غير الطبيعي بآخر طبيعي. ويمكن أن
تكون الإناث غير متماثلة الأليلات لهذه الحالة من دون أن تظهر عليهن أية أعراض مطلقًا، حيث إن نسخة واحدة من
الجين الطبيعي تكفي لبناء ما يحتجن إليه من العامل الثامن (VIII).

الجين HTT، والبروتين هنتنغتن، ومرض هنتنغتون
موقع الجين HTT هو على الكروموسوم 4، وهو يشفر لإنتاج بروتين يسمّى هنتنغتن Huntingtin. لا يزال عمل هذا
البروتين بالضبط مجهولًاً، لكن يعرف أنه مهم في تطور الخلايا العصبية، بخاصة في الدماغ.
يحتوي تتابع نيوكليوتيدات هذا الجين في بعض الناس على عدد كبير من الثلاثية CAG المتكررة (بما يسمّی أحيانًا
((تأتأة Stutter»). ويكون تطور الخلايا العصبية غير طبيعي إذا كان عدد مرات التكرار أكثر من 40، فيصاب الشخص
بمرض هنتنغتون Huntington’s disease (إذا كان عدد مرات التكرار بين 36 و39 مرة، يتطوّر المرض، وأحيانًا لا
يتطور). تتطوّر الحالة تدريجيًا مع التقدم في السن، وفي معظم الأحيان لا تظهر الأعراض إلا ما بين سن 30 – 40
من العمر. حيث يبدأ الشخص المصاب بفقدان قدرته على التحكم في الحركة والمشي والكلام والتفكير بوضوح.
هذه الحالة مميتة، ويمكن أن تحدث الوفاة خلال 15 – 20 سنة من بعد ظهور الأعراض.
هذا الأليل غير الطبيعي سائد، لذلك يوجد احتمال واحد من اثنين لوراثة شخص لهذه الحالة إذا كان أحد أبوَيه
يحمل هذا الأليل. وحيث إن هذه الحالة قد تكون غير ظاهرة إلى أن يصبح الشخص بالغًا، فإنه قد ينجب أطفالا
قبل أن يعرف باحتمال نقل مرض هنتنغتون لهم.

مواضيع مشابهة

الهندسة الجينية Genetic engineering

bayanelm

تركيب DNA و RNA

bayanelm

فصل وتضخيم DNA

bayanelm