تاريخ

الثورة الصناعية

الثورة الصناعية

ستتعلم هنا عن:

بداية الثورة الصناعية وأثرها في تحسين وسائل الإنتاج الزراعي ونوعیته .

العوامل التي أدت إلى ظهور الثورة الصناعية في بريطانيا قبل غيرها من الدول الأوروبية .

أبرز مظاهر الثورة الصناعية في أوروبا .

مدى تأثر الوطن العربي بالثورة الصناعية .

شهدت أوروبا خلال الفترة ١٧٠٠ – ١٩٠٠م تغيرا جذرياً في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وأدى ذلك إلى الاهتمام بالأبحاث والدراسات لإحداث ثورة علمية زراعية ، تركزت على تحسين وسائل الإنتاج الزراعي ونوعيته. والعمل على توفير كميات من الأغذية لمواجهة النمو السكاني الذي شهده العالم خلال هذه الفترة. وتمكن المزارعون من استخدام أدوات وأسمدة وبذور زراعية متطورة ، كان لها نتائج ايجابية على زيادة كميات الإنتاج و تنوعها .
وعَرَف العالم خلال هذه الفترة نوعاً آخر من التغيرات، فقد اتجهت جهود العلماء والمخترعين نحو تطوير الصناعة ومقوماتها، فاخترعوا الآلات الحديثة، وتحسنت ظروف العمل في المصانع، وزادت كمية الإنتاج. وأحدث ذلك تحولاً جذرياً في حياة الأوروبيين ومستواهم المعيشي، وعرف هذا التحول بالثورة الصناعية.

تعد بريطانيا أول الدول الأوروبية التي نجحت في إحداث تقدم واسع في مجال الزراعة ، وانعكس ذلك على بدء الثورة
الصناعية فيها قبل غيرها ، ويعود ذلك للأسباب الآتية :
١- كثرة عدد السكان فيها ، وارتفاع عدد المفكرين والعلماء وتوافر الأيدي العاملة القادرة على العمل في المصانع والمزارع .
٢- توافر المواد الخام والموارد الطبيعية اللازمة، لاسيما معدن الحديد الذي أتاح صناعة الآلات من المعدن .

٣- بُعد بريطانيا عن الحروب والتوترات السياسية التي شهدتها بقية الدول الأوروبية، وهو ما أسهم في استقرارها ، وتوفير جو من الاستثمار والاختراع.
٤- وفرة رؤوس الأموال اللازمة للصناعة ، ووجود نظام مصرفي متكامل شجع الأثرياء على توفير الأموال واستثمارها .
٥- إسهام الموانئ والسفن البريطانية وقدرتها على الاتصال مع مناطق نفوذها في توفير المواد الخام والأيدي العاملة.

مظاهر الثورة الصناعية وتطورها

تركزت الثورة الصناعية في مجالين مهمين هما:التقدم في الزراعة، واختراع الآلات الصناعية . ففي مجال الزراعة تم في بريطانيا عام ١٧٠١ م اختراع أول آلة لبذر الحبوب ، وكان الهدف من اختراعها هو إدخال البذور في التربة لحمايتها من التلف ولضمان إنتاج وفير ، وقاد هذا الاختراع إلى اختراعات أخرى مهمة ، لتحسين أساليب الحصاد واستخدام الأسمدة
ومقاومة الآفات الزراعية. وانعكس ذلك إيجابيا على الزراعة، فاتسعت مساحة الأراضي الزراعية ، وتحسنت نوعية الإنتاج وكميته ، ورافق ذلك كله الاهتمام بتربية المواشي وحيوانات النقل والحراثة بصورة أكبر .

لم تتوقف عملية الاختراع والابتكار في أوروبا ، وأخذ المفكرون والعلماء يبحثون عن الجديد لتحسين عملية الإنتاج ، فعلى صعيد الإنتاج الزراعي ، كانت عمليات حصاد القمح بالأيدي شاقة وبطيئة، لاسيما في المساحات الزراعية الكبيرة، وفي عام ١٨٣١م تمكن أحد الأمريكيين من اختراع آلة جديدة للحصاد تجر بواسطة الخيول ، وهذا مكن المزارعين من حصاد محاصيلهم بسهولة وسرعة .
وكان الناس قبل الثورة الصناعية يصنعون ملابسهم بطريقة يدوية ، مستخدمين أدوات بسيطة للنسيج والحياكة ،حتى اختراع الآلات مطلع ١٧٥٠م، التي سهلت على الأوروبيين صناعة ملابسهم بصورة أسرع، وأكثر جمالاً ودقة .
يُعَدّ التغير في صناعة الملابس والتحسن الذي حدث في نوعيتها، من أبرز مظاهر الثورة الصناعية، ولقد أدى ذلك إلى زيادة الطلب على الملابس الصوفية والقطنية ، وكانت صناعة الملابس تتم أولا في المنازل، ولكن الإنتاج لم يكن كافياً، بسبب عدم توافر الظروف الملائمة لذلك داخل البيوت ، فقد كانت عملية غزل الخيوط الصوفية والقطنية داخل البيوت على عجلة الغزل لا تنتج أكثر من خيط واحد في المرة الواحدة ، وفي عام ١٧٦٤م تمكن البريطانيون من صناعة آلة الغزل التي أصبح بإمكانها غزل ثمانية خيوط في المرة الواحدة ، ولكنها كانت أيضا يدوية ، وفي عام ١٧٧٩م، تم اختراع المغزل الآلي الذي كان يدار بواسطة المساقط المائية، وكانت ميزة هذا الاختراع أنه كان يغزل بسرعة وينتج عدداً كبيراً من الخيوط. وكما هو الحال
بالنسبة للغزل فقد كانت عملية النسج تتم يدويا حتى اختراع آلات النسيج، فأصبحت الأقمشة تنسج بالآلات ، حيث ازداد إنتاجها، وتحسنت نوعية الملابس التي تنتجها .

مفاهيم ومصطلحات

الحلج : ندف القطن أي فصل البذر عن المادة القطنية .
الغزل : تحويل مادة القطن أو الكتان أو الصوف إلى خيوط .
النسج : حياكة الخيوط وتحويلها إلى قماش .

آثار الثورة الصناعية على أوروبا

لقد غيرت الثورة الصناعية أسلوب الأوروبيين في حياتهم وطبيعة أعمالهم ، فبعد أن عمل الناس في المنازل لمئات السنين، فإنهم اضطروا إلى البحث عن مكان آخر، لا سيما وأن آلات الغزل والنسيج بحاجة إلى مكان أكبر ، ومصادر مائية دائمة لتشغيلها ، وكانت تلك البداية لإنشاء المصانع ، الذي ترافق مع وجود التجار والمستثمرين الذين قاموا ببناء المصانع خارج
المناطق السكنية ، وتم اختراع المزيد من الآلات ، وتشغيل عدد كبير من العمال ، الأمر الذي أدى إلى زيادة الإنتاج، وتحقيق المزيد من الأرباح.
ولم يعد استخدام المصادر المائية كافياً لتغطية الطلب المتزايد على الملابس ، لا سيما وأن هذا النوع من الآلات يفرض بناء المصانع قرب الأنهار والجداول المائية ، ويعتبر ذلك صعبًا ومكلفًا من الناحية الاقتصادية . فكان لابد من التفكير في أسلوب جديد لتشغيل الآلات ،
وجاءت فكرة استخدام الفحم الحجري لغلي الماء وتشغيل الآلات بواسطة البخار ، ففي عام ١٧٦٩م اخترع الإنجليزي (جيمس واط)) محركاً بخاريًا، وتم استخدامه لإدارة الآلات في المصانع، فتطورت بذلك عملية الإنتاج ، وأصبح العمل أسرع وأكثر إنتاجاً . وتم الاستغناء تدريجياً عن الآلات التي تدار بواسطة المساقط المائية .

كما أحدثت الثورة الصناعية تغيراً كبيراً في أسلوب العمل ونمط الحياة في أوروبا وأمريكا، فقد ازدادت الهجرة من الأرياف إلى المدن للعمل في المصانع، وهذا ترك أثراً كبيراً على العمل في الزراعة ، فقد هجر قسم كبير من الفلاحين مزارعهم
بحثاً عن العمل في المصانع كونه يؤمن لهم دخلاً أسرع من العمل في الأرض. وانعكس ذلك أيضاً على الحياة الاجتماعية في المدن التي عانت من الازدحام،وقلة الخدمات، وانعدام الشروط الصحية في المساكن والمصانع .

المحرك البخاري الذي اخترعه جيمس واط

آثار الثورة الصناعية على الوطن العربي
اشتد التنافس بين الدول الأوروبية للبحث عن المواد الخام وتوفير الأسواق التجارية ، وذلك نتيجة لتطور الصناعة، وتوافر وسائل الاتصال، وزيادة الطلب على الإنتاج .
وكان الوطن العربي ، الغني بموارده ، ضحية لهذا التنافس، فقد خضعت معظم أقطاره للنفوذ الأوروبي ،الذي قادته كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا.
وعلى الرغم من الدور السلبي للوجود الأوروبي في السيطرة على خيرات الأمة ومواردها الطبيعية، إلا أنه شكل نوعاً من الاتصال بين أوروبا والوطن العربي،وكان لهذا الاتصال وسائله ونتائجه على الوطن العربي ، ومن أبرز هذه الوسائل :
أ- البعثات العلمية للطلبة العرب إلى دول أوروبا، للدراسة والاطلاع على آخر التطورات العلمية.
ب- الرحلات التي قام بها الرحالة العرب، وما سجلوه من وصف للمناطق التي زاروها.

أما نتائج هذا الاتصال فقد تركزت على ما يأتي :
١- التواصل ببين الحضارة العربية الإسلامية، والمنجزات العلمية الأوروبية حتى وقتنا الحاضر.
٢- توجه العرب نحو الأخذ بالعلوم والفنون والصناعات الجديدة في أوروبا.
٣- تهيئة المختصين والفنيين من أجل استخدام الآلات والأدوات التي تستخدم في الصناعة والزراعة .

لم يكن تأثر العرب بالتقدم العلمي الذي شهدته أوروبا كبيراً لاسيما في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ويعود ذلك لسببين هما :
١- كانت بداية العرب بالتعامل مع المخترعات والآلات متواضعة .
٢- كرس العرب جهودهم في هذه الفترة للتحرر من الوجود الأوروبي الذي كان يحرص على بقاء العرب يعتمدون في سد حاجاتهم الصناعية على ماتنتجه المصانع الأوروبية .

مواضيع مشابهة

درس جمهورية الهند للصف التاسع المنهج العماني

bayanelm

الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية

bayanelm

التواصل العماني مع شرق افريقيا

bayanelm