في خطوة قضائية تؤكد على أهمية المسؤولية الأبوية في مواجهة التنمر المدرسي، أصدرت محكمة العين المدنية التجارية والإدارية في دولة الإمارات حكماً يُحمّل الآباء مسؤولية أفعال أبنائهم غير المنضبطة داخل المدارس، بعد ثبوت تورط عدد من الطلبة في وقائع تنمر واعتداء جسدي على زملائهم.

وقضت المحكمة بفرض غرامات مالية بلغ مجموعها 65 ألف درهم إماراتي على أولياء أمور الطلبة المتورطين، معتبرة أن التقصير الأبوي في التوجيه والرقابة كان سبباً مباشراً في تفاقم هذه السلوكيات السلبية.

تفاصيل الحكم

في القضية الأولى، ألزمت المحكمة والد طفلين بدفع 30 ألف درهم كتعويض بعد أن ثبت اعتداء ابنيه المتكرر على أحد زملائهما في المدرسة، حيث قاما بضربه جسدياً وتصوير مقاطع فيديو مسيئة داخل الحرم المدرسي، ما أدى إلى إصابة الضحية بالخوف والقلق واضطرابات نفسية.

أما في القضية الثانية، فقد أصدرت المحكمة حكماً بإلزام عدد من الآباء بدفع 35 ألف درهم بشكل مشترك، بعد أن أقدم أبناؤهم على مهاجمة زميلهم باستخدام أدوات حادة، مما تسبب في إصابات جسدية وصدمة نفسية عطّلته عن أداء أنشطته اليومية لعدة أيام.

الأساس القانوني للحكم

استندت المحكمة في قرارها إلى المادة 313 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي، التي تنص على أن الآباء مسؤولون قانونياً عن الأضرار الناتجة عن أفعال أبنائهم القاصرين. وأكدت المحكمة أن التربية السليمة تبدأ من المنزل، وأن إهمال الآباء في متابعة أبنائهم يسهم في تنامي ظواهر العنف داخل المدارس.

رسالة قانونية إلى الأسر

أوضحت المحكمة أن هذا الحكم يعكس اتجاهاً متزايداً في القضاء الإماراتي نحو تعزيز مفهوم المسؤولية الأبوية كأداة فعّالة للحد من العنف المدرسي، مشيرة إلى أن معالجة المشكلة لا تقع على عاتق المدارس وحدها، بل تبدأ من الأسرة التي يفترض بها غرس القيم والانضباط لدى الأبناء.

ويأتي هذا القرار ضمن سياق أحكام مماثلة، منها حكم صدر في أكتوبر 2025 بفرض غرامة قدرها 30 ألف درهم على والد أحد الطلبة المتنمرين، في إطار سياسة قضائية تهدف إلى حماية البيئة التعليمية من السلوكيات العدوانية.

أهمية التربية في المنزل

تؤكد هذه الأحكام على أن الأسرة تمثل خط الدفاع الأول ضد ظاهرة التنمر، وأن غياب الرقابة والتوجيه الأسري يؤدي غالباً إلى انحراف سلوك الأبناء في المدرسة والمجتمع. كما دعت المحكمة إلى تعزيز التعاون بين الآباء والمدارس وتنفيذ برامج توعوية للحد من السلوكيات العدوانية بين الطلبة.

استنتاج

يرسّخ حكم محكمة العين نهجاً جديداً في التعامل مع قضايا التنمر المدرسي، من خلال تحميل الأسر مسؤولية قانونية وأخلاقية مباشرة عن تصرفات أبنائها، بما يعزز الوعي بأهمية التربية السليمة كحماية للأسرة والمجتمع، ورسالة واضحة مفادها أن الإهمال الأسري لم يعد مجرد تقصير تربوي، بل مسؤولية قانونية قابلة للعقاب.

Visited 2 times, 1 visit(s) today

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *