
زيارة رئيس جهاز الاستثمار العماني لبوركينا فاسو: خطوة نحو تعزيز الشراكة الاقتصادية والاستثمارية
في خطوة تعكس الرغبة العمانية في توسيع آفاق التعاون الدولي، خاصة مع الدول الأفريقية، زار معالي عبد السلام بن محمد المرشدي، رئيس جهاز الاستثمار العماني، بوركينا فاسو يوم 27 أغسطس 2025.
استقبله فخامة الرئيس إبراهيم تراوري، رئيس بوركينا فاسو، بالقصر الرئاسي في العاصمة واغادوغو، في لقاء رسمي شهد مناقشة فرص الشراكة الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين الصديقين.
هذه الزيارة تأتي في سياق جهود سلطنة عمان لتنويع اقتصادها وتعزيز علاقاتها الخارجية، وفق رؤية عمان 2040، مع التركيز على الاستثمارات المستدامة في القارات النامية مثل أفريقيا.
خلفية الزيارة وأهميتها الاستراتيجية
جهاز الاستثمار العماني، الذي يُعد الذراع الاستثماري الرئيسي للسلطنة، يدير محفظة استثمارية متنوعة تغطي أكثر من 50 دولة حول العالم، بما في ذلك قطاعات الطاقة، الغذاء، والخدمات اللوجستية.
تأسس الجهاز في عام 2020 بموجب مرسوم سلطاني، ويهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية ودعم التنويع الاقتصادي، مع التركيز على الاستدامة المالية والشراكات الدولية.
رئيسه، عبد السلام المرشدي، الذي يحمل مرتبة وزير، يتمتع بخبرة واسعة في الجيولوجيا النفطية والإدارة المالية، حيث شغل مناصب قيادية في صناديق الاحتياطي العام وشركات استثمارية مشتركة مع دول أخرى مثل أوزبكستان وفيتنام.
أما بوركينا فاسو، فهي دولة غرب أفريقية تواجه تحديات أمنية واقتصادية، لكنها تمتلك إمكانيات هائلة في الزراعة والتعدين (خاصة الذهب)، والطاقة المتجددة.
يحكمها حالياً الرئيس إبراهيم تراوري، الضابط العسكري الشاب الذي تولى السلطة في سبتمبر 2022 بعد انقلاب عسكري، ويُعتبر أصغر رئيس دولة في العالم (37 عاماً). تراوري، الذي ولد في 1988، درس في جامعة واغادوغو وانضم إلى الجيش البوركيني في 2009، حيث شارك في عمليات مكافحة الإرهاب في مالي وبوركينا فاسو.
يركز حكمه على الاستقلال الوطني، مكافحة الإرهاب، وتعزيز الشراكات الدولية غير الغربية، مع التركيز على التنمية الريفية والزراعية، حيث يعتمد 80% من القوى العاملة على الزراعة.
تفاصيل اللقاء الرسمي
خلال اللقاء بالقصر الرئاسي، نقل معالي عبد السلام المرشدي تحيات حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان، إلى فخامة الرئيس تراوري، معربًا عن تمنياته بالتوفيق والسداد للرئيس ولشعب بوركينا فاسو التقدم والاستقرار.
كما أعرب عن الرغبة في تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والاستثمار، مع التركيز على الفرص المشتركة في الزراعة، الطاقة المتجددة، والتعدين.
من جانبه، حمّل الرئيس تراوري معالي المرشدي نقل تحياته إلى جلالة السلطان هيثم، متمنيًا له دوام الصحة والعافية، ولشعب عمان استمرار الرقي والازدهار.
ركز اللقاء على مناقشة آفاق الشراكة، حيث أبرز الجانب العماني خبراته في إدارة الصناديق السيادية وتطوير المشاريع الكبرى، بينما أعرب الجانب البوركيني عن اهتمامه بجذب استثمارات عمانية في مشاريع التنمية الريفية والإنتاج الزراعي، الذي يُعد عماد الاقتصاد البوركيني.
كما تم التطرق إلى إمكانية إنشاء شركات استثمارية مشتركة، مشابهة لتلك الموجودة مع دول أخرى، لدعم التنويع الاقتصادي في بوركينا فاسو وتوفير فرص عمل للشباب.
الآفاق المستقبلية والتأثيرات المتوقعة
تشير الزيارة إلى بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين عمان وبوركينا فاسو، حيث يُتوقع أن تؤدي إلى توقيع اتفاقيات استثمارية في القريب العاجل، خاصة في قطاعات الطاقة الشمسية والزراعة المستدامة، التي تتناسب مع تحديات المناخ في غرب أفريقيا.
بالنسبة لعمان، تمثل هذه الشراكة فرصة لتوسيع محفظتها الاستثمارية خارج الشرق الأوسط، مما يدعم أهداف رؤية 2040 في التنويع الاقتصادي.
أما بالنسبة لبوركينا فاسو، فإن الاستثمارات العمانية يمكن أن تساهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، خاصة في ظل التحديات الأمنية الناتجة عن الإرهاب في منطقة الساحل.
سلطنة عُمان وبوركينا فاسو توقعان على ثلاث اتفاقيات
- تأسيس مشروع في قطاع تعدين الذهب
- بناء شراكة استثمارية شاملة
- الاستثمار في عدد من القطاعات الزراعية في مدينة واغادوغو.
الخاتمة
تمثل زيارة رئيس جهاز الاستثمار العماني لبوركينا فاسو نموذجًا للتعاون الجنوبي-جنوبي، يعتمد على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل. ومع استمرار مثل هذه الجهود، يُتوقع أن ينمو التعاون بين البلدين، مما يفيد شعبيهما ويساهم في التنمية المستدامة على المستوى القاري.