مدينة سمنود: تاريخ، جغرافيا، اقتصاد ومعالم

مدينة سمنود: تاريخ، جغرافيا، اقتصاد ومعالم
تعد مدينة سمنود واحدة من أبرز المدن في محافظة الغربية في مصر، تتميز بموقعها الجغرافي التاريخي وثقافتها الغنية. كما أن لديها تاريخ طويل ومعقد يعكس التنوع الحضاري والثقافي الذي مرت به عبر العصور. سمنود هي مدينة قديمة تعود جذورها إلى العصور الفرعونية، وكانت مركزًا حضاريًا هامًا في العديد من الفترات التاريخية، سواء في العهد الفرعوني أو العصور الإسلامية وحتى الحديثة. في هذا الموضوع، سنتناول تاريخ المدينة، جغرافيتها، مناخها، اقتصادها، التعليم، معالمها البارزة والسكان، إلى جانب بعض الشخصيات المشهورة التي أنجبتها.
الموقع الجغرافي لمدينة سمنود
تقع مدينة سمنود في شمال شرق محافظة الغربية، وتحدها من الشمال مركز نبروه، ومن الشرق فرع دمياط، ومن الغرب مركز المحلة الكبرى، ومن الجنوب مركز زفتي. وتتميز المدينة بوجودها بالقرب من فرع دمياط من نهر النيل، مما يجعلها مدينة غنية بالموارد المائية والزراعية. تحتوي المدينة على تربة سوداء طينية رسوبية، وهي تربة خصبة ساعدت في نمو الزراعة في المنطقة على مر العصور.
تتمتع سمنود بموقع استراتيجي مهم حيث تبعد عن القاهرة حوالي 130 كم، وعن مدينة المحلة الكبرى 10 كم فقط. يعتبر هذا الموقع من العوامل الرئيسية التي جعلت المدينة مركزًا حضاريًا وتجاريًا هامًا عبر العصور المختلفة.
تاريخ مدينة سمنود
تعد سمنود مدينة قديمة جدًا، ويعود تاريخها إلى العصور الفرعونية. كان اسم المدينة في العصور الفرعونية “تبنوتير” (Tebnoutir)، وهو اسم يُعتقد أنه يعود إلى فترة حكم الفراعنة. وفي العصر الروماني، كانت المدينة تعرف باسم “سبنيتوس” (Sébennytos)، بينما أطلق عليها الآشوريون اسم “سبنوتي” (Zabnuti) وفي العهد القبطي كانت المدينة تعرف باسم “سمنوت” (Xemnout).
من أشهر فترات تاريخية مرّت بها سمنود هو فترة حكم الملك نخت إنبو الأول، الذي تولى عرش مصر في عام 380 قبل الميلاد، حيث كانت المدينة عاصمة لمصر في تلك الفترة. وهذا يشير إلى أهمية سمنود في العصور الفرعونية كمركز حضاري هام.
كما ورد في كتب المؤرخين، كانت سمنود مركزًا حضاريًا هامًا في العصر الإسلامي، حيث استوطنها العرب بعد الفتح الإسلامي لمصر. وقد كانت المدينة شاهدة على العديد من الأحداث التاريخية الهامة في تلك الفترة، مثل ثورة يحنس القبطي التي حدثت في سنة 132 هـ ضد الحاكم الأموي، والتي تم قمعها من قبل الجيش الأموي.
خلال العصور الفاطمية، كانت سمنود عاصمة لما يُعرف بـ “العمل السمنودي”، الذي كان يشمل عدة مناطق في مصر. وظلت المدينة تحت هذا الإطار الإداري حتى تم دمجها مع محافظة الغربية في عهد الناصر محمد بن قلاوون.
التطور الإداري في مدينة سمنود
مرت سمنود بعدة مراحل من التغيير في تقسيماتها الإدارية. في عام 1882، تم إلغاء مركز سمنود ونقل ديوان المركز إلى مدينة المحلة الكبرى نظرًا لصغر حجم سمنود مقارنة بالمحلة. ومع مرور الوقت، تم تقسيم المنطقة لتصبح جزءًا من مناطق مختلفة، ثم تم إعادة تأسيس مركز سمنود في عام 1935 بعد سلسلة من القرارات الإدارية.
المناخ في سمنود
تتمتع مدينة سمنود بمناخ دافئ في الشتاء وحار في الصيف. تقع المدينة ضمن الإقليم الأوسط قليل الأمطار في مصر، حيث يبلغ متوسط هطول الأمطار ما بين 25 مم و100 مم سنويًا. هذا المناخ المعتدل جعل من سمنود مكانًا مناسبًا للزراعة، مما ساهم في نمو المدينة اقتصاديًا في مختلف العصور.
الاقتصاد في سمنود
تعد سمنود واحدة من المدن التي تساهم بشكل كبير في اقتصاد محافظة الغربية. في الماضي، كانت المدينة مركزًا تجاريًا هامًا، حيث كانت تعتبر من المراكز الرئيسية لتجارة الأخشاب والنحت على الخشب، وهو ما يعكس معنى اسم المدينة “موجدة الإله”، نظرًا لمهارة أهلها في نحت التماثيل والقطع الفنية.
تعد صناعة الغزل والنسيج من أهم الصناعات في المدينة، حيث توجد شركة سمنود للنسيج والوبريات التي كانت فرعًا لشركة مصر للغزل والنسيج في المحلة الكبرى. إلا أن هذه الصناعة تواجه تحديات حاليًا بسبب تراكم الديون وتهديدات بالإغلاق. كما أن المدينة تشتهر بصناعة الفخار، وقد وافق مجلس النواب على إنشاء منطقة صناعية للفخار على مساحة فدانين في المدينة، وذلك لدعم هذه الصناعة وحمايتها من الاندثار.
الزراعة في سمنود
تعتبر الزراعة واحدة من القطاعات الأساسية في مدينة سمنود، حيث تشتهر المدينة بزراعة المحاصيل الزراعية المختلفة مثل القمح والأرز والقطن. يوجد في المدينة شونة مركزية لتخزين القمح بسعة 6000 طن. كما تحتوي المدينة على عدد من الوحدات الحيوانية، مما يجعلها مركزًا مهمًا في القطاع الزراعي في محافظة الغربية.
السكان في سمنود
تعد سمنود خامس أكبر مدينة في محافظة الغربية من حيث عدد السكان. في تقديرات عام 2023، بلغ عدد سكان المدينة حوالي 90,504 نسمة. تشهد المدينة نموًا سكانيًا مستمرًا، حيث بلغ معدل النمو السكاني بين عامي 1996 و2006 حوالي 1.82%. وتعتبر سمنود مدينة ذات كثافة سكانية عالية بالنسبة لمناطق الريف المصري، حيث يعيش فيها العديد من الأسر.
التعليم في سمنود
تنتشر في سمنود العديد من المدارس التي تقدم التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، بالإضافة إلى المعاهد الأزهرية. في عام 2021، تم إنشاء جامعة سمنود التكنولوجية، التي بدأت في العمل خلال العام الدراسي 2022/2023. تعتبر هذه الجامعة خطوة كبيرة نحو تعزيز مستوى التعليم في المدينة وتحسين الفرص التعليمية للشباب.
بالرغم من التقدم في التعليم، لا تزال هناك تحديات، حيث بلغ عدد الأميين في سمنود 9,714 نسمة وفقًا لتعداد 2017، بينما بلغ عدد ذوي التعليم العالي 17,349 نسمة. ما زالت المدينة تسعى لتحسين نظام التعليم ورفع مستوى التعليم المهني والفني لتلبية احتياجات سوق العمل.
المعالم السياحية والدينية في سمنود
تحتوي مدينة سمنود على العديد من المعالم السياحية والدينية الهامة. من أبرز المعالم السياحية في المدينة:
- جامع المتولي: وهو من أقدم المساجد في سمنود، يعود تاريخه إلى العصر المملوكي.
- كنيسة الشهيد أبانوب: وهي كنيسة قديمة تعود إلى عام 1841، وتعتبر واحدة من المحطات المهمة في رحلة مريم العذراء ويسوع أثناء الهروب إلى مصر.
كما توجد في المدينة العديد من الحمامات القديمة مثل “حمام سمنود”، وهو حمام عام يعود تاريخه إلى عام 1748، ويعتبر من أكمل الحمامات في الريف المصري.
الشخصيات البارزة من سمنود
أنجبت سمنود العديد من الشخصيات البارزة في مجالات مختلفة. من أبرز هذه الشخصيات:
- إبراهيم علي شحاته السمنودي: من كبار القراء وعلماء القراءات القرآنية.
- عبد الفتاح الصعيدي: لغوي معروف وعضو في مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
- إسماعيل الدهشان: شاعر من رواد الحركة الشعرية وله العديد من الدواوين.
- مصطفى النحاس: رئيس وزراء مصر في فترات مهمة من تاريخ مصر الحديث.
الخاتمة
مدينة سمنود هي واحدة من أهم المدن في محافظة الغربية، وقد لعبت دورًا هامًا في تاريخ مصر عبر العصور المختلفة. من تاريخها العريق الذي يعود إلى العصور الفرعونية إلى تأثيرها في العصور الإسلامية، لا تزال سمنود مدينة حيوية ومتطورة. بموقعها الاستراتيجي، اقتصادها المتنوع، ومعالمها الثقافية والتاريخية، تظل سمنود مدينة تستحق الاكتشاف والاهتمام.