وظائف نظم المعلومات الجغرافية وتطبيقاتها
تساعد نظم المعلومات الجغرافية بما تمتلكه من تقنيات التحليل المكاني على تقليل الوقت المخصص
لإجراء الدراسات والأبحاث ومعالجة البيانات وإنتاج الخرائط، إضافة إلى تقليل الأخطاء البشرية والكلفة على
المدى البعيد .
أولا: وظائف نظم المعلومات الجغرافية
تتلخص وظائف نظم المعلومات الجغرافية في الآتي:
١- الاستعلام (Identify) والاستفسار (Query)
وهما من عمليات التحليل الأساسية التي يمكن فيها استرجاع البيانات الخاصة بالظاهرة أو إجراء بعض التحليلات الشرطية كما هو في الاستفسار، دون أن يكون هناك أثر في قواعد البيانات. ومعظم برامج نظم المعلومات الجغرافية تعطي
المستخدم فرصة التفاعل مع البيانات الجغرافية (بشقيهما المكاني والوصفي).
وفي الاستعلام (Identify) يسمح للمستخدم بمجرد النقر على أي معلم في أي طبقة باسترجاع البيانات وإظهارها في نافذة مستقلة ، إذ يمكن الحصول على بيانات سلطنة عمان بمجرد النقر على خريطة سلطنة عمان كما يظهر في الشكل.
بينما في الاستفسار (Query) يتم كتابة شروط في نافذة المعادلة، ويقوم البرنامج بتطبيقها على جدول البيانات للطبقة المستهدفة، ويتم إظهار النتائج بلون مميز، وتنقسم الاستفسارات إلى ما يأتي:
١- الاستفسارات البسيطة:
يتم كتابة معادلة محددة ومباشرة، فعلى سبيل المثال: (ابحث عن ولاية مطرح، أو عاصمة سلطنة عمان).
٢- الاستفسارات الشرطية:
يتم كتابة المعادلة، بحيث تتضمن أكثر من شرط، فعلى سبيل المثال: (ابحث عن الدول التي تزيد مساحتها عن ٢ مليون كم٢، بشرط أن تكون في قارة إفريقيا)، فتظهر النتيجة بعد تطبيقها في البرنامج كما في الشكل موضحة في دولتين وهما: الكونغو الديمقراطية والجزائر.
٢- القياسات (Measurements)
تتوفر لبرمجيات نظم المعلومات الجغرافية أدوات وتطبيقات تسمح بإجراء القياسات البسيطة، مثل: الطول والمساحة أو إجراء قياسات معقدة، مثل: العمليات المتعلقة بحساب المساحات المتداخلة، ويوضح الشكل حساب مسافة ما بين نقطتين (أ، ب) على خريطة سلطنة عمان.
٣- التحويلات (Transformations)
هي عملية تحويل البيانات الجغرافية من شكل إلى آخر للحصول على منتج جديد من البيانات الجغرافية، ومن بين الأمثلة على عمليات التحويل ما يأتي:
أ- الإحرامات (Buffering)
يقصد بها تحديد نطاق حول ظاهرة جغرافية معينة سواء كانت هذه الظاهرة ممثلة بطريقة نقطية أو خطية أو مساحية، ومن الأمثلة على ذلك، تحديد إحرام حول مصنع، كما هو موضح في الشكل.
ويلاحظ أنه عند رسم إحرام حول المصنع كما يوضحه الشكل السابق، يظهر نطاق يحيط بالظاهرة المحددة،
ويكون الإحرام بمسافة محددة وفق المعايير الموضوعة سابقاً. ومن الأمثلة على ذلك تحديد مواقع لبناء المخططات
السكنية حول منطقة صناعية، بحيث تكون تلك المخططات السكنية بعيدة عن موقع المنطقة الصناعية مسافة
افتراضية تزيد عن ١٠٠کم، کما یوضح ذلك الشكل التالي:
كما ترسم أحيانا عدة إحرامات بمسافات مختلفة، لدراسة الانتشار والتوزيع حول ظاهرة ما، وفق الضوابط والمعايير، فمثلا يوضح الشكل أن الإحرام رقم (١) حول المبنى التجاري يمثل مساحة البناء المخصصة للتوسع المستقبلي في حين يمثل
الإحرام رقم (٢) المساحة المخصصة للمواقف.
ب- الاشتقاق (Extraction)
هو إنشاء قاعدة بيانات مكانية جديدة بناء على اشتقاقها (استقطاعها) من قاعدة بيانات مكانية أخرى، مثل اشتقاق الاستخدامات الزراعية من قاعدة بيانات استخدامات الأرض بشكل عام، وتظهر نتيجة الاشتقاق على شكل طبقة من الخرائط (Layer) وجدول البيانات الوصفية (Table) للخريطة المشتقة، كما يمكن أيضا اشتقاق جدول خاص بظاهرة معينة من جدول آخر عام.
في الشكل التالي يلاحظ أنه عند اشتقاق المنطقة الزراعية المعرفة بالرمز (ب) يصاحبها اشتقاق لجدول البيانات الوصفية الخاص بها فقط.
وبالتطبيق على الخرائط يمكن اشتقاق خريطة سلطنة عمان من خريطة شبه الجزيرة العربية كما يوضحه الشكل.
كما توجد أشكال أخرى للتحويلات في نظم المعلومات الجغرافية، مثل تحويل البيانات من نموذج البيانات الخطية إلى نموذج البيانات الشبكية والعكس صحيح، ومثال ذلك تحويل الخرائط الرقمية إلى خرائط ورقية، وكذلك تحويل نتائج تحليل الصور الفضائية باستخدام تقنية الاستشعار عن بُعْد من نموذج البيانات الشبكية إلى نموذج البيانات الخطية.
٤- التحليل الإحصائي (Statistical Analysis)
تعتمد فكرة التحليل الإحصائي على معالجة بيانات الجداول الوصفية، باستخدام الأساليب الكمية الإحصائية، وإظهار نتيجة التحليل على الخريطة مباشرة، إذ تمتلك نظم المعلومات الجغرافية أدوات وتطبيقات تساعد على التحليل الإحصائي وإيجاد العلاقات بين البيانات الجغرافية لتفسيرها بشكل أفضل.
ومن أبسط الأمثلة على التحليل الإحصائي جمع وطرح البيانات بين عمودين في جدول البيانات الوصفية، كما يظهرها الجدول ، حيث يظهر العمود (ج) باللون الأخضر محصلة جمع عمود (أ) والعمود (ب).
ومن بين النماذج المتقدمة للتحليل الإحصائي يسم الخطوط المتساوية لتوزيع درجات الحرارة والضغط الجوي، إضافة إلى تحديد نقاط تركز الحوادث والزلازل وغيرها من الظواهر البشرية أو الطبيعية التي تحدث باستمرار.
٥- بناء نموذج الارتفاع الرقمي (Digital Elevation Model) وتحليله
لنظم المعلومات الجغرافية أدوات تسمح ببناء نماذج ثلاثية الأبعاد لسطح الأرض من خلال تحويل البيانات الشبكية التي تضم إحداثيات (الطول والعرض ومتوسط الارتفاع في مساحة الخلية)، إلى نموذج الارتفاع الرقمي (Digital Elevation Model) ويشار إليه اختصارا بـ (DEM)، ويوضح الشكل نموذج ارتفاع رقمي لأجزاء من ولايات محافظة ظفار الساحلية والمنطقة الجبلية، ويساعد هذا النموذج على إظهار سطح الأرض بشكل ثلاثي الأبعاد، إضافة إلى إجراء مجموعة من التحليلات مثل حساب الانحدار و التحليل الهيدرولوجي (تحليل شبكات المجاري المائية).
٦- تحليل الشبكات (Network Analysis)
تمتلك برامج نظم المعلومات الجغرافية أدوات لتحليل الشبكات والتي تستخدم بشكل واضح في تطبيقات شبكات الطرق والكهرباء والمياه والغاز، إذ تساعد على اختيار مسار محدد ضمن الشبكة،
وفقا لعدد من الشروط، من بینها:
١- أقصر مسار بين النقطتين (أ،ب).
٢- المسار الأسرع بين النقطتين (أ،ب).
٣- المسار الأقل كلفة بين النقطتين (أ،ب).
وبالتطبيق على الشكل فإن:
أقصر مسار بين النقطتين (أ،ب)، هو المسار الثاني.
المسار الأسرع بين النقطتين (أ،ب)، هو المسار الأول.
(يمكن حساب الزمن المستغرق لقطع المسار باستخدام القانون التالي) :
الزمن المقطوع = المسافة / السرعة
المسار الأقل كلفة بين النقطتين (أ،ب)، هو المسار الثاني.
٧- المحاكاة (Simulation)
من بين التطبيقات التفاعلية لبرامج نظم المعلومات الجغرافية، إمكانية محاكاة تصور مستقبلي ووضعه لتتبع ظواهر، مثل: الاختناقات المرورية والنمو السكاني والفيضانات، اعتمادا على البيانات المتاحة، مما يساعد على معرفة تأثيرها على محيطها، والتحديات والمخاطر التي تصاحبها، الأمر الذي يسهم في وضع خطط للحد من تأثيراتها السلبية على المدى البعيد، وعلى سبيل المثال يمكن محاكاة مخاطر الفيضانات وتأثيرها في المدن من خلال وضع فرضيات لارتفاع معدل المياه بالأمتار وملاحظة المساحة المعرضة للغمر، كما يوضحها الشكل ، مما يساعد على وضع خطط الطوارئ والإخلاء في حالات
الکوارث الطبيعية.
٨- الاختيار الأمثل (Optimization)
وهو عملية الاختيار على أسس ومعايير محددة بهدف الخروج بأفضل الخيارات، فعلى سبيل المثال عند تخطيط مواقع المدار س، توضع معايير لاختياس أفضل المواقع، بحيث تكون بعيدة عن المجاري المائية وشبكة الطرق السريعة، وفي الغالب توضع المعايير وفق الأسس التخطيطية المتعارف عليها، أو تلك المعايير التي تضعها المؤسسات للتخطيط المستقبلي.
وتتوفر لبرامج نظم المعلومات الجغرافية مجموعة أدوات تحليلية من بينها الإحرامات وتحليل الشبكات، إذ يمكن توظيفها لتطبيق المعايير المحددة، كما يمكن تحويل هذه المعايير إلى نموذج (Model)، يتم تطبيقه على جميع المواقع المطلوب تقييمها لاختيار الأنسب منها .
ويستخدم الاختيار الأمثل بشكل واسع في البحث عن مجالات تسويقية جديدة للشركات، مثل اختيار مواقع الفروع الجديدة بحيث تكون قريبة من التجمعات السكنية وشبكات الطرق السريعة.
ثانيا: تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية
لا تتوقف تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية عند مجال معين ولا ترتبط بتخصص محدد، وفي الوقت الحاضر تجاوزت تطبيقاتها المجالات التقليدية، فأصبحت جزءا من العمليات المتكاملة لدعم اتخاذ القرار. وفي ما يلي عرض لبعض تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية بصفة عامة مع التركيز على تطبيقاتها في السلطنة.
١- التطبيقات الهندسية والتخطيطية
تُعد التطبيقات الهندسية والتخطيطة من أهم تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية، وتشمل الدراسات والمسوحات التخطيطية والهندسية مثل: تخطيط شبكات الطرق والكهرباء والمياه والصرف الصحي، واختيار مواقع الجسور والسدود. ومن بين نماذج المؤسسات الرائدة في سلطنة عمان في هذا المجال بلدية مسقط، التي تُعَدّ من أوائل المؤسسات التي تبنَّت إدخال نظم المعلومات الجغرافية لتخطيط الطرق وتراخيص البناء (إباحة البناء).
وقد أنتجت بلدية مسقط قُرْصاً مُدْمجاً باستخدام تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية يضم خرائط رقمية لمحافظة مسقط (مستكشف مسقط)، كما قامت بإضافة تطبيق على شبكة المعلومات العالمية؛ لتصفح الخرائط الرقمية الخاصة بالمخططات السكنية بالإضافة إلى بعض البيانات الخدمية.
ويوظف المجلس الأعلى للتخطيط ووزارة الإسكان عدة أشكال من التطبيقات التخطيطية، مثل توزيع المدن وتخطيط استخدامات الأرض، كما تبنت وزارة التربية والتعليم قسماً يُعْنى بتوظيف نظم المعلومات الجغرافية لدراسة اختيار مواقع المدارس وتحديد الروافد ور بطها بالإحصاءات التعليمیة،
٢- التطبيقات البيئية
وتشمل عدة أنواع من التطبيقات، مثل دراسة ظاهرة التصحّر وتَمَلَّح المياه والمراقبة البيئية لظاهرة التلوث، وتُعَدّ وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه ووزارة البيئة والشؤون المناخية من أهم مستخدمي نظم المعلومات الجغرافية في المجال البيئي.
٣- تطبيقات الاحصاء السكاني
تتميز نظم المعلومات الجغرافية بقدرتها على التعامل مع البيانات المكانية والوصفية، وتستخدم نظم المعلومات الجغرافية بشكل مباشر في التعدادات السكانية والاجتماعية المختلفة من خلال إنتاج الخرائط وقواعد البيانات الوصفية.
وقد قام المركز الوطني للإحصاء والمعلومات باستخدام تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية في إنتاج خرائط تعداد ٢٠٠٣م و٢٠١٠م وتصميمها، مما سَهّل مرحلة العَدّ السكاني وجمع البيانات وأي شفتها، كما طَوّر المركز العديد من التطبيقات من بينها البوابة المكانية، إذ تعتبر البيئة المثالية لتبادل البيانات المكانية وخرائط الأساس بين المؤسسات والهيئات المشتركة في البوابة.
كما أطلق موقعا تفاعليا لعرض الخرائط التي ترتبط بالبيانات السكانية المختلفة، كما يوضحها الشكل.
٤- التطبيقات الاقتصادية والتجارية
تتنوع التطبيقات الاقتصادية والتجارية لنظم المعلومات الجغرافية، وتركز على مساعدة مديري المؤسسات ومتخذي القرار في دراسة التوجهات لفتح أفرع أو مجالات جديدة للمؤسسات أو البحث عن أسواق جديدة، كما أصبح بالإمكان توظيف نظم المعلومات الجغرافية في اختيار أفضل مواقع الإعلانات التجارية لاستقطاب أكبر عدد من المستهلكين.
ولعل أهم الأمثلة دائرة نظم المعلومات الجغرافية والمسح الطبوغرافي بهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، التي أسهمت بدور فاعل في متابعة خرائط استخدامات الأرض في منطقة الميناء ورسمها.
وتعتمد معظم الشركات النفطية العاملة بالسلطنة، مثل شركة تنمية نفط عُمان على نظم المعلومات الجغرافية لرسم خرائط لمناطق التنقيب والامتياز، إضافة إلى مراقبة حركة مركباتها عبر الأقمار الصناعية.
٥- التطبيقات العسكرية والأمنية
تمتلك معظم المؤسسات العسكرية والأمنية في العالم أقساماً خاصة بنظم المعلومات الجغرافية، تستخدمها لإنتاج الخرائط وتوفير البيانات الرقمية عن المعلومات ذات الطبيعة العسكرية والأمنية، إضافة إلى رسم خرائط طبوغرافية للمناطق بهدف رسم خطط عسكرية تتلاءم وتفاصيل سطح الأرض.
كما توظف نظم المعلومات الجغرافية لتحديد مناطق الا دحام وحوادث الطرق وانتشار الجريمة ورسم خطط الطوارئ في حالة الكوارث البشرية والطبيعية وغيرها من التطبيقات الأمنية، وتَعدّ الهيئة الوطنية للمساحة التابعة لوزارة الدفاع هي الجهة الرسمية لإنتاج خرائط سلطنة عمان للأغراض العسكرية والمدنية.