
في السنوات الأخيرة، شهد قطاع النفط والغاز في المنطقة الخليجية تطورات كبيرة، حيث أصبحت الشراكات والاستحواذات بين الدول الخليجية أداة استراتيجية لتعزيز الاقتصادات المحلية وتحسين الأداء التنافسي في سوق الطاقة العالمي. تبرز الاستثمارات الإماراتية في سلطنة عُمان كمثال بارز لهذه الديناميكية الاقتصادية، حيث شهدت نسب التملك والاستحواذات ارتفاعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. في هذا المقال، سنستعرض التفاصيل المتعلقة بهذه الاستثمارات، ونحلل أثرها على الاقتصادين الإماراتي والعُماني، مع التركيز على الأرقام والمعلومات الأخيرة حتى تاريخ 8 نوفمبر 2025.
تأتي هذه الاستحواذات في إطار رؤية التعاون الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تسعى الإمارات لتوسيع قاعدة استثماراتها خارج حدودها، بينما تعمل عُمان على جذب رؤوس الأموال الأجنبية لدعم رؤيتها 2040. يُعد قطاع النفط والغاز محوريًا لهذه الجهود، حيث يشكل العمود الفقري لاقتصادي البلدين. وفقًا لبيانات حديثة، كانت الإمارات ثالث أكبر مستثمر في عُمان في عام 2022، باستثمارات مباشرة بلغت حوالي 2.38 مليار دولار، ومن المتوقع أن ترتفع هذه الأرقام بشكل كبير مع الإعلانات الأخيرة.
ليوا للطاقة الإماراتية وحقل مخيزنة
تمتلك ليوا للطاقة، وهي شركة تابعة لمجموعة مبادلة الإماراتية، 15% من حصة حقل مخيزنة للنفط الثقيل في عُمان منذ توقيع اتفاقية الشراكة في عام 2021. يُعتبر هذا الحقل أحد أكبر المشاريع النفطية في السلطنة، حيث يُخطط لاستثمار أكثر من 2 مليار دولار لزيادة الإنتاج إلى 150,000 برميل يوميًا باستخدام تقنية الحقن بالبخار. هذا الاستثمار يعكس استراتيجية طويلة الأمد لتعزيز الإنتاج النفطي بطرق مستدامة.
أدنوك دريلينج والحفر البري
أعلنت شركة أدنوك دريلينج الإماراتية في مايو 2025 عن استحواذها على 70% من أعمال الحفر البري الخاصة بشركة SLB (شلمبرجير) في عُمان والكويت. هذه الصفقة تعزز حضور أدنوك في سوق خدمات الحفر الإقليمية، حيث تضيف أسطولًا من الحفارات الحديثة إلى عملياتها، مما يدعم قدرتها على تلبية الطلب المتزايد في المنطقة.
استحواذ أدنوك على شركة محمد البرواني للخدمات النفطية
في 5 نوفمبر 2025، أعلنت أدنوك دريلينج عن خطتها لشراء 80% من شركة محمد البرواني للخدمات النفطية (MB Petroleum Services) مقابل قيمة تعاقدية تبلغ 204 ملايين دولار. هذا الاستحواذ، الذي يخضع للموافقات التنظيمية، سيضيف 21 حفرة نفطية تُشغل في عُمان والكويت والسعودية والبحرين، مع عقود طويلة الأمد تمتد إلى عام 2033. يُعتبر هذا الاستثمار خطوة حاسمة لتوسيع النفوذ الإماراتي في سوق الخدمات النفطية الإقليمية.
من منظور عُمان، تُعد هذه الاستثمارات محركًا للاقتصاد المحلي، حيث تزيد من فرص التوظيف وتدعم البنية التحتية لقطاع الطاقة. ومع ذلك، أثارت التعليقات على منصة X مخاوف حول محدودية الوظائف المحلية، حيث يطالب البعض بزيادة نسبة التوظيف العُماني في هذه المشاريع.
أما من منظور الإمارات، فتعزز هذه الاستحواذات من مكانة أدنوك كلاعب رئيسي في سوق الطاقة الإقليمية، مما يعزز التنوع الاقتصادي بعيدًا عن الاعتماد الزائد على السوق المحلية.
على الرغم من النجاحات، تواجه هذه الشراكات تحديات مثل نقص المهارات المتقدمة في عُمان، مما دفع الحكومة لاستقطاب شركات أجنبية مثل أدنوك. يُوصى بتطوير برامج تدريب محلية لتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة، إلى جانب تشجيع استثمارات عُمانية متبادلة في قطاع الطاقة الإماراتي لضمان توازن اقتصادي.
تُعد نسب التملك والاستحواذات الإماراتية في عُمان نموذجًا ناجحًا للتكامل الاقتصادي بين دول الخليج، حيث تُسهم في تعزيز الاستدامة الاقتصادية والطاقوية. مع استمرار هذه الشراكات، يتعين على الجانبين العمل معًا لتحقيق فوائد متبادلة، سواء من حيث الاستثمار أو التوظيف، لضمان مستقبل مزدهر لقطاع الطاقة في المنطقة.