
يُوصف الملياردير الأمريكي ستيف ويتكوف (Steve Witkoff)، صديق دونالد ترامب المقرّب، بأنه أحد أكثر الشخصيات غموضاً ونفوذاً في المشهد السياسي والاقتصادي الأمريكي. كثيرون أطلقوا عليه لقب “وزير خارجية أمريكا الحقيقي”، لما له من تأثير مباشر على ملفات الشرق الأوسط والعلاقات الدولية، رغم أنه رجل عقارات بالأساس.
البدايات: من نيويورك إلى عالم العقارات
وُلد ويتكوف في 15 مارس 1957 في حي برونكس بنيويورك، لأسرة يهودية منحدرة من أوروبا الشرقية. والده كان يعمل في صناعة المعاطف النسائية، بينما عملت والدته كمعلمة. درس العلوم السياسية والقانون في جامعة هوفسترا، وبدأ حياته المهنية كمحامٍ قبل أن ينتقل إلى مجال العقارات في منتصف الثمانينيات.
عام 1985 أسس مع صديقه لاري غلوك شركة ستيلر مانجمنت، وسرعان ما برز في سوق العقارات بنيويورك. خلال تلك الفترة، التقى صدفةً بدونالد ترامب في أحد المطاعم، لتبدأ علاقة صداقة شخصية ومهنية ستستمر لعقود.
الصداقة مع ترامب: من السندويتش إلى النفوذ السياسي
في أوائل التسعينيات، ومع بداية صعوده المالي، توطدت علاقة ويتكوف بترامب. وعندما فقد ابنه لاحقاً بسبب إدمان المخدرات، لعب ترامب دوراً محورياً في دعمه نفسياً للعودة إلى العمل. تلك العلاقة عززت ولاء ويتكوف للرئيس الأمريكي المستقبلي.
عام 2023، أثناء محاكمة ترامب، ظهر ويتكوف شاهداً في القضية، ليعيد إلى الأذهان حادثة “السندويتش” التي جمعتهما أول مرة.
صفقات مثيرة للجدل: بارك لين وفخ جو لو
دخل ويتكوف عام 2013 واحدة من أضخم صفقاته العقارية عبر عرض شراء فندق بارك لين بـ 650 مليون دولار. لكن الصفقة تورطت في فضيحة فساد كبرى بعد دخول رجل الأعمال الماليزي جو لو بحصة بلغت 85%، تبيّن لاحقاً أنها أموال مختلسة من صندوق 1MDB السيادي الماليزي.
تدخلت وزارة العدل الأمريكية، وواجه ويتكوف خطر مصادرة الفندق. لاحقاً دخلت شركة مبادلة الإماراتية وصندوق أبوظبي السيادي، ثم بيع الفندق في النهاية عام 2023 لجهاز قطر للاستثمار بـ 623 مليون دولار، ليخرج ويتكوف من الورطة.
من العقارات إلى السياسة: دور في الشرق الأوسط
بعد خسارة ترامب في انتخابات 2020 أمام جو بايدن، ظل ويتكوف من أشد داعميه، فجمع له تبرعات بملايين الدولارات من شبكات النفوذ اليهودية في أمريكا، وشارك معه في تأسيس شركة عملات رقمية.
عقب فوز ترامب بالانتخابات مجدداً، أوصى السيناتور الجمهوري لينسي غرام بتعيينه مبعوثاً خاصاً للشرق الأوسط. وفي 12 نوفمبر 2024 تم تعيينه رسمياً، رغم افتقاره للخبرة الدبلوماسية.
أولى مهامه كانت المشاركة في مفاوضات وقف إطلاق النار بوساطة مصر وقطر في يناير 2025. غير أن مساره لاحقاً كان مثيراً للجدل:
- الملف الإيراني: انتهى إلى حرب مفتوحة.
- الملف الروسي–الأوكراني: بدا ضعيفاً في مواجهة بوتين، مما سبب حرجاً لإدارة ترامب.
- الملف الإسرائيلي–الفلسطيني: انحاز بوضوح لإسرائيل، بل كان له دور بارز في تعطيل التزامات تل أبيب باتفاقية الدوحة.
هدايا وعلاقات مثيرة للجدل
في مايو 2025 كشف الصحفي الأمريكي إيزاك ستانلي بيكر عن واقعة غريبة: تلقى ويتكوف من بنيامين نتنياهو جهاز “بيجر” منقوشاً عليه عبارة “عزيزي ستيف صديقنا”، مرفقة بحروف “O.T.J” التي فسرت على أنها اختصار لعبارة “يهودي قوي”.
هذه الواقعة أثارت انتقادات واسعة داخل الأوساط الأمريكية، خاصة أن ويتكوف كان أحياناً يتجاوز وزارة الخارجية نفسها بالتنسيق المباشر مع الإسرائيليين، ما دفع شخصيات نافذة مثل روبرت مردوخ وبعض المحافظين إلى مهاجمته.
شخصية غامضة ونفوذ غير عادي
رغم أنه بدأ مسيرته كمحامٍ ثم رجل عقارات، بات ستيف ويتكوف اليوم أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في ملفات السياسة الخارجية الأمريكية. صديقه ترامب منحه نفوذاً لم يكن يحلم به، بينما يراه آخرون تجسيداً لخلط المال بالسياسة.
ومع تزايد الجدل حول أدائه في الملفات الدولية، يظل السؤال: هل سيبقى ويتكوف “وزير خارجية ترامب غير الرسمي”، أم أن ضغوط المؤسسة السياسية الأمريكية ستضع حداً لنفوذه المتنامي؟