قضية “هاي شوبنج” في عُمان: من الترويج البراق إلى الاتهامات بالوهم والاحتيال

بداية واعدة سرعان ما انهارت

في يوليو 2025، أطلقت شركة هاي شوبنج (High Shopping) عملياتها في سلطنة عُمان وسط زخم إعلامي كبير. أقامت الشركة حفل تدشين ضخم في مسقط حضره ممثلون عن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، إضافة إلى عدد من المؤثرين والمشاهير، ما منحها غطاءً من “الموثوقية” بنظر الجمهور. روجت الشركة لنفسها كمنصة للتسوق والاستثمار الرقمي مع وعود بعوائد مالية مغرية وسريعة، واستطاعت جذب آلاف المستثمرين.

وعود استثمارية غامضة

الشركة اعتمدت على حملات دعائية مكثفة، بمشاركة مؤثرين، ما دفع كثيرين إلى الاستثمار دون تدقيق كافٍ في نشاطها. ورغم أنها قدمت نفسها كجهة مرخصة، ظل نشاطها الأساسي غامضًا. بعض المتابعين وصفوها مبكرًا بأنها “شركة وهمية تبيع الوهم”، مستندين إلى غياب مشاريع ملموسة أو نشاط تجاري فعلي واضح.

من الحلم إلى الصدمة

في أغسطس 2025، وقع الانهيار المفاجئ. اختفت الشركة بشكل غامض، وتوقفت الاتصالات مع عملائها، تاركة مئات المستثمرين في حالة صدمة بعد خسائر بملايين الريالات العُمانية. انتشرت مقاطع ومنشورات على منصة X (تويتر سابقًا) تؤكد أن الشركة لم تكن سوى “فخ استثماري” اعتمد على بريق الإعلانات واستغلال ثقة الناس بالمؤثرين.

دور المؤثرين والجدل الشعبي

الأزمة فجرت جدلاً واسعًا حول مسؤولية المؤثرين الذين روجوا للشركة دون التحقق من مصداقيتها. أطلقت حملة شعبية بعنوان #إلغاء_متابعة_مشاهير_عُمان طالبت بمحاسبة هؤلاء النجوم، معتبرة أنهم تسببوا في تضليل الجمهور. السؤال الأبرز الذي تردد: هل يتحمل المؤثرون جزءًا من المسؤولية عن خسائر الناس؟

غياب الرقابة الرسمية

إلى جانب الغضب الشعبي، وُجهت أصابع الاتهام إلى الجهات التنظيمية. كيف سُمح للشركة بالحصول على ترخيص وإقامة حفل رسمي بحضور ممثلين حكوميين، ثم اختفت فجأة دون رقابة؟ مطالبات كثيرة دعت إلى تحقيق رسمي، وسط مخاوف من أن تكون القضية مرتبطة بعمليات غسيل أموال أو احتيال مالي منظم.

تداعيات اقتصادية واجتماعية

تُقدر الخسائر بملايين الريالات، وهو ما أثّر على الثقة في السوق الرقمي العُماني. في وقت تسعى فيه السلطنة إلى تعزيز التجارة الإلكترونية، جاءت هذه القضية لتسلط الضوء على الحاجة الملحة لقوانين أكثر صرامة لحماية المستثمرين والمستهلكين.
اجتماعيًا، أحدثت القضية موجة نقاشات واسعة حول دور الإعلام الرقمي وأخلاقيات الإعلان، مع مخاوف من تكرار مثل هذه الحالات في ظل انتشار المنصات الاستثمارية غير المنظمة.

الدروس المستفادة

  • ضرورة التحقق من التراخيص والأنشطة الفعلية قبل الاستثمار.
  • مطالبة الجهات الرسمية بفرض ودائع تأمينية ورقابة مالية دقيقة.
  • إلزام المؤثرين بالإفصاح عن الشراكات الدعائية، وتحمّل جزء من المسؤولية في حال الترويج لشركات مضللة.

خاتمة

تحولت “هاي شوبنج” من فرصة استثمارية واعدة إلى قضية رأي عام في سلطنة عُمان، تكشف هشاشة الثقة في السوق الرقمي عند غياب الرقابة. وبينما يترقب المواطنون نتائج التحقيقات الرسمية، تبقى القضية درسًا بليغًا حول أن الثقة لا تُبنى على الإعلانات البراقة ولا على وجوه المشاهير، بل على الشفافية والرقابة والالتزام بالقوانين.

Visited 147 times, 1 visit(s) today

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *