أصبح سعي عمان لتحقيق التنمية المستدامة والأمن الغذائي جزءًا مهمًا من أجندتها الوطنية، بما يتماشى مع الأهداف الأوسع لرؤية 2040، التي تؤكد على التنويع الاقتصادي. يوضح التقرير السنوي لعام 2023 الصادر عن وزارة الزراعة والثروة السمكية وموارد المياه التقدم الكبير الذي تم إحرازه في توسيع الإنتاج النباتي والحيواني. ولا يدعم هذا التقدم الاقتصاد المحلي فحسب، بل يعزز أيضًا حضور السلطنة في أسواق المواد الغذائية العالمية.
في السنوات الأخيرة، حقق القطاع الزراعي في سلطنة عمان تقدما ملحوظا. وحتى عام 2023، بلغ إجمالي الحيازات الزراعية في البلاد 355 ألف فدان، مما يعكس الجهود المستمرة لزيادة الأراضي المزروعة. والأمر الأكثر واعدة هو إمكانية التوسع الإضافي، حيث تم تحديد 5.5 مليون فدان كأراضي صالحة للزراعة ومناسبة للاستصلاح. وهذا يوفر فرصًا كبيرة للنمو المستمر والتطوير داخل هذا القطاع.
وبحلول نهاية عام 2023، نجحت السلطنة في زراعة 293 ألف فدان، وهو رقم من المتوقع أن يرتفع مع اعتماد تقنيات وتقنيات الزراعة الحديثة. ويعمل في هذا القطاع 256 ألف عامل، مما يؤكد دوره كمصدر حيوي للتوظيف وأهميته في تأمين سبل العيش في جميع أنحاء البلاد. بالإضافة إلى كونها المزود الرئيسي للغذاء، فإن الصناعة الزراعية في سلطنة عمان تعتبر بالغة الأهمية للنمو الاقتصادي.
ومن الأمثلة البارزة على النجاح الزراعي في عمان هو إنتاج التمر. تضم البلاد 9.1 مليون نخلة، مما يجعلها واحدة من الدول الرائدة في إنتاج التمور في العالم. لا يعد هذا المحصول عنصرًا أساسيًا في النظام الغذائي المحلي فحسب، بل يلعب أيضًا دورًا حاسمًا في أسواق التصدير.
ولدعم التوسع المستمر للقطاع، قامت الحكومة بتعزيز بنيتها التحتية الزراعية بشكل كبير. وتشمل الاستثمارات 18 محطة للحجر الصحي و26 وحدة بحثية مخصصة للإنتاج النباتي وحركة النحل. وتضمن هذه البنية التحتية استدامة الزراعة في سلطنة عمان على المدى الطويل وتدعم الأمن الغذائي في البلاد.
كما تساهم المزايا الطبيعية التي تتمتع بها عمان، بما في ذلك مناخها ونظمها البيئية المتنوعة، في نجاح زراعتها. يمكن للبلاد زراعة مجموعة واسعة من المحاصيل، مما يخلق نظامًا زراعيًا مرنًا. كما شهد إنتاج العسل في سلطنة عمان اهتمامًا متزايدًا، حيث تم إنشاء وحدات مخصصة لإنتاج وتسويق هذا المنتج المتميز محليًا ودوليًا.
بالإضافة إلى الإنتاج النباتي، حققت عمان خطوات كبيرة في مجال الإنتاج الحيواني. توفر أراضي الرعي الطبيعية التي تبلغ مساحتها 3.2 مليون فدان في شمال وجنوب البلاد موارد وافرة للماشية. تعتبر صناعة الثروة الحيوانية في سلطنة عمان، والتي تضم 4 ملايين رأس من حيوانات المزرعة، حيوية للاستهلاك المحلي وسوق التصدير.
ويتجلى التزام الحكومة بصحة الحيوان في بنيتها التحتية البيطرية القوية، والتي تشمل 5 محطات لحجر الماشية، و41 عيادة متنقلة، و69 عيادة بيطرية، ومستشفى مخصص. ويعمل 15 مكتبًا للحجر الصحي على تنظيم استيراد وتصدير الحيوانات، مما يضمن الحفاظ على مستويات عالية من رعاية الحيوانات.
وتشمل الاستثمارات الرئيسية في الإنتاج الحيواني مشروع مزون للألبان، والصفاء للأغذية، ومزرعة بركاء للدواجن، والتي تواصل وضع معايير صناعية عالية. وتساهم هذه المبادرات في تعزيز سمعة عمان المتنامية كدولة رائدة في إنتاج الغذاء على المستوى الإقليمي.
ويسلط تقرير 2023 الضوء على التزام السلطنة بالأمن الغذائي والنمو الزراعي المستدام. تعكس إنجازات البلاد في مجال الإنتاج النباتي والحيواني الرؤية الاستراتيجية للحكومة، مما يضمن مستقبل عمان كدولة مرنة ومكتفية ذاتيًا. ومع استمرار عمان في تطوير هذه القطاعات، فإنها لا تحمي إمداداتها الغذائية فحسب، بل تساهم أيضًا في الأسواق الإقليمية والدولية، بما يتماشى مع أهداف رؤية 2040 لتحقيق النمو المستدام.
