عمانتاريخ

التواجد العماني في شرق افريقيا

التواجد العماني في شرق افريقيا

سنجيب ونتعرف على في هذه المقالة:

١- علاقة العمانيين بشرقي أفريقيا
٢- العوامل المؤثرة في التواجد العُماني في شرقي أفريقيا.
٣- دور الجيش والأسطول في تعزيز التواجد في شرقي
أفريقيا .

معنى المفاهيم والصطلحات والأسماء الآتية :
الجوار الجغرافي، الرياح الموسمية، صلات حضارية ، دولة ملاحية ، زنجبار، ممباسة ، تنمية اقتصادية ، ثغور وحصون،
مجاهل القارة الأفريقية .
أتعرف الدور الذي قامت به الشخصيات الآتية :
البوكيرك ، سلطان بن سيف الأول ، أحمد بن سعيد البوسعيدي ، حمد بن سليمان البوسعيدي ، حسن الفارسي، أحمد الكعبي ، محيي الدين الوائلي.

ترجع البدايات المبكرة لارتباط العرب بشرقي أفريقيا إلى جهود التجار العرب وهجرة القبائل العربية من شبه الجزيرة
العربية، وبلاد فارس، في أوقات مختلفة،
ومن أبرز هذه الهجرات:

هجرة أولاد الجلندى من عمان في القرن الأول الهجري/ القرن السابع الميلادي.

هجرة بعض أهل الإحساء ثم الشيرازيين في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي.

هجرة سليمان بن سليمان بن مظفر النبهاني في القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي.

ولقد ركز التجار والمهاجرون في البداية على المناطق الساحلية، ولم يتوغلوا إلى المناطق الداخلية بسبب طبيعتها الجغرافية ، حيث قسوة المناخ ،
والغابات الاستوائية، والحيوانات المفترسة، والجبال الشاهقة. ونشأت نتيجة لهذه الهجرات مراكز تجارية على بعض الجزر القريبة من الساحل مثل: زنجبار، وبمبا، وممباسة، وجزر القمر ، ومدغشقر. ونعمت هذه المراكز باستقرار نسبي، إلى أن جاء القائد البرتغالي البوكيرك في ١٥٠١م وأخضعها للسيطرة البرتغالية .

العوامل المؤثرة في التواجد العُماني في شرقي أفريقيا
ارتبط التوجه العماني نحو شرقي أفريقيا بعوامل عدة ، أهمها :
١- الموقع الجغرافي لعمان ، فالجوار الجغرافي بين عمان وشرقي أفريقيا دفع العمانيين لأن يوجهوا نشاطهم التجاري إليها، ونقل ما يتوافر فيها من سلع ثمينة ومرغوبة إلى عمان ليعاد تصديرها إلى أسواق العالم .

٢- دور عمان العريق في الملاحة البحرية، فارتباط العمانيين بالبحر جعلهم يكتسبون خبرة بحرية تؤهلهم للقيام بجولاتهم البحرية ونقل تجارتهم عبر المحيط الهندي بين عمان وشرقي أفريقيا.
٣- حركة الرياح الموسمية التي تهب على منطقة المحيط الهندي، والتي مكنت العمانيين من القيام برحلتين منتظمتين في السنة، ففي شهر نوفمبر من كل سنة تندفع الرياح نحو الجنوب الغربي فتخرج السفن من بحر عمان إلى المحيط الهندي ، ثم تسير بمحاذاة الساحل الأفريقي الشرقي. وفي شهر أبريل من كل سنة تنعكس العملية حيث تبدأ الرياح بالهبوب من الجنوب
الغربي بحيث تمكن السفن العمانية من العودة إلى عمان .

ما معنى الجوار الجغرافي؟

يستخدم هذا المصطلح للدلالة على الدول التي ترتبط فيما بينها بالموقع والقرب المكاني والامتداد الجغرافي حيث تتقاسم الموقع الفلكي والحدود السياسية .

العُمانيون يعززون تواجدهم في شرقي أفريقيا

بعد طرد البرتغاليين من عمان أولت دولة اليعاربة مناطق شرقي أفريقيا عناية خاصة ، وذلك تأكيدا لروح التضامن وعمق الصلات الحضارية ، وكان يُنظر إلى الساحل الأفريقي بوصفه امتدادا لعمان . وقام الإمام سلطان بن سيف الأول بطلب من أهالي شرقي أفريقيا بتحرير مناطقهم من البرتغاليين. وبفضل ذلك تدعَّم الوجود العماني في هذه المنطقة، وغدت واجهة أفريقيا الشرقية تابعة رسميًّا لعمان. وعين الإمام ولاة من الشخصيات العمانية عهد إليهم إدارة جزر زنجبار وبمبا
وممباسة .
بعد تولي الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي (١٧٤٤-١٧٨٣ م) الحكم، عمل على تعزيز الصلات الحضارية وتوحيدها مع ساحل شرقي أفريقيا، وأصبحت الدولة العمانية في عهد السيد سعيد بن سلطان (١٨٠٦ -١٨٥٦ م) دولة ملاحية كبيرة يمتد نفوذها من سواحل عمان إلى جزيرة بمبا (الجزيرة الخضراء) وزنجبار على الساحل الشرقي لأفريقيا .

ولقد أعجب السيد سعيد كثيراً بجزيرة زنجبار التي أصبحت الدعامة الكبرى في مشروعاته الأفريقية ، والواقع أن هذه الجزيرة كانت تفوق المراكز الأخرى في نقاط كثيرة ، نذكرها فيما يأتي:
أ- موقعها متوسط بين موانئ شرقي أفريقيا الإسلامية، وهو ما حقق لها مركزاً اقتصادياً مهماً.
ب- كونها جزيرة فقط كانت أكثر أمناً من أية نقطة أخرى على الساحل ضد أي هجوم تتعرض له.
ج- أنها ذات طقس معتدل وأراضيها خصبة .
د- لها ميناء كبير صالح للملاحة .
هـ- بها أعذب مياه في شرقي أفريقيا .

صورة لزنجبار

ويبدو أن الدافع الاقتصادي كان أقوى الدوافع التي جعلت السيد سعيد يفضل الإقامة بصفة دائمة في جزيرة زنجبار ، فقد أدرك منذ البداية أهمية التنمية الاقتصادية إلى جانب توطيد الأمن والاستقرار في شرقي أفريقيا. ومنذ ١٨٣٢م كان يقيم في زنجبار أكثر منه في مسقط، ثم جعل منها عاصمته الأفريقية ، حيث ظل مقيما بها حتى وفاته .

وخلال سبع سنوات أصبحت هذه المدينة مقر تجارة مزدهرة، وقد ترافق هذا النجاح مع هجرة كبيرة للتجار العمانيين الذين أقاموا بصورة شبه دائمة حيث توطد التواجد العماني فيها ، واكتسب الموقع الإستراتيجي والاقتصادي لهذه المنطقة أهمية متزايدة .

دور الجيش والأسطول في تعزيز التواجد العماني في شرقي أفريقيا
فرض توسع التواجد العماني في شرقي أفريقيا العديد من التحديات كان في مقدمتها توفير أسباب الأمن والاستقرار والحماية . واقتضى ذلك تكوين جيش قوي قادر على خوض المعارك البرية والبحرية.
وعلى الرغم من أن القيادة العامة للجيش من مهام السلطان الأساسية، إلا أنه نظرا لاتساع الدولة وتعدد ثغورها وحصونها ، اختص كل والٍ بقيادة الجيش في ولايته والإشراف على الحاميات والحصون فيها . ولقد تمكن السلطان سعيد من بناء أسطول تجاري ضخم كان يستخدمه في نقل البضائع ، ووصلت سفنه إلى مرسيليا وجنوة ولندن وغيرها. كما اهتم ببناء أسطوله العسكري البحري الذي كان يعد أقوى أسطول على طول الساحل الممتد من رأس الرجاء الصالح إلى اليابان ،
وكان يستفاد من هذا الأسطول في أعمال النقل والتجارة .

خريطة الطرق والمراكز التجارية العمانية في عهد السيد سعيد بن سلطان

واعتنى العمانيون ببناء السفن الشراعية القادرة على الإبحار في المحيط الهندي وبحر العرب، واستطاعوا بسفنهم العملاقة أن يربطوا الشواطئ العمانية بالشواطئ الأفريقية في أوقات هبوب الرياح الموسمية .
وكان السيد سعيد بن سلطان يقضي فترة طويلة على ظهر السفن يتفقد المناطق التي تواجد فيها العمانيون . وفي السنوات الأخيرة من حكمه كان يفضل قضاء أطول مدة ممکنة في زنجبار. و کانت له علاقات واسعة جداً مع زعماء
القبائل الأفريقية ، وملوك المقاطعات والجزر العديدة مثل مدغشقر . ومن الجدير بالذكر أن السيد سعيد بن سلطان قضى أيامه الأخيرة يجوب المحيط الهندي على ظهر السفينة فكتوريا عائداً من مسقط ، وقد توفي عام ١٨٥٦م على ظهرها بالقرب من جزيرة سيشل .

البعد السياسي للتواجد العمائي في شرقي أفريقيا
تجلت عبقرية السيد سعيد بن سلطان السياسية والإدارية حينما اختار زنجبار لتكون عاصمة لشرقي أفريقيا ، حيث نجح في تطويرها من جزيرة صغيرة متواضعة لتكون حاضرة ومركز إشعاع سياسي واقتصادي ، واستطاع العمانيون بزعامته الحكيمة ترسيخ حكمهم في أفريقيا الذي امتد من مقديشو شمالا حتى رأس دلجادو في جنوب الساحل الشرقي ، كما امتد في
الاتجاه الشمالي الغربي حتى مملكة بوغندا ( أحد أقاليم أوغندا حاليا على بحيرة ألبرت )، وغربا حتى أعالي الكونغو(زائير حاليا).
لم يقتصر التواجد العماني على الساحل الشرقي لأفريقيا، وإنما امتد إلى أواسط القارة الأفريقية،
واستطاعت أن تسهم في نشر الإسلام والحضارة العربية ، وإلقاء الكثير من الأضواء على مجاهل القارة الأفريقية عن طريق قوافل التجارة التي ربطت بين الساحل والداخل بمراكزها الحضارية المتناثرة ، والتي كانت عوناً كبيراً لرواد الكشف والارتياد في القرن التاسع عشر الميلادي.
وخص السيد سعيد بن سلطان أهل البلاد من المواطنين وزعمائهم بمعاملة كريمة مبنية على الاحترام، وكانت المساواة بين السكان بصرف النظر عن أصولهم العرقية من أهم ما تميز به عهد السيد سعيد.

ولقد تميزت نظم الحكم والإدارة في شرقي أفريقيا بخصائص عدة من أهمها :
١- العدالة في إدارة البلاد واختيارهم أكفأ العناصر في الجهاز الإداري .
٢- الاستعانة بعدد كبير من المستشارين والعلماء، حيث أوكل إليهم الحكام مهمة تصريف شؤون الدولة ، وكانوا في
مجملهم من الولاة والقضاة وكبار قادة الجيش والبحرية .

٣- مظاهر الشورى التي تجلت فيما عرف بالمجالس السلطانية التي كان يعقدها السلاطين للاطلاع على مشاكل الرعية ، ولسماع رأي المستشارين فيما يتعلق بمصالح الدولة.
٤- القيم الحضارية التي سادت شرقي أفريقيا بفضل هجرات كثير من العلماء والفقهاء الذين استقروا فيها ، وكانت علاقة هؤلاء العلماء بالسلاطين من أهم المؤثرات التي أدت إلى سيادة مبادئ الشريعة الإسلامية في المجتمع الأفريقي ، وتطبيق مبدأ المساواة بين العرب والأفارقة في المعاملات كافة ويتضح ذلك من التوجيهات التي أصدرها الحكام إلى الولاة والقضاة في جميع أنحاء الدولة .

وهكذا فقد أتاح هذا الجهد الحضاري الفرصة لتثبيت التواجد العماني في شرقي أفريقيا، ووصف العمانيون بأنهم رسل حضارة وثقافة بسبب التطور الهائل الذي عمّ شرقي أفريقيا، وهو أمر أثار العديد من الدول التي راحت تتربص بالدولة الفتية بهدف إضعافها، وتقسيم ممتلكاتها.

ماذا قال ريتشارد بيرتون ، في كتاب “أقاليم البحيرات” عن السيد سعيد بن سلطان؟

الأول في الحرب والأول في السلم، والأول في قلوب أهل بلده ، فهو نموذج للحاكم الذي تفخر به أي دولة في العالم … سلام على روحه .

شخصيات عمانية :

من أشهر الشخصيات العمانية التي قادت وأدارت السفن / المراكب الحربية هم السيد حمد بن سليمان البوسعيدي ، والشيخ حسن الفارسي ، وكذلك الشيخ أحمد بن نعمان الكعبي الذي قام بالرحلة المشهورة على ظهر السفينة (سلطانة) إلى
نيويورك عام ١٨٤٠ م، كما قام برحلة إلى فرنسا، واشتهر عنه أنه كان يجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وملمَّ بعلوم البحار لاسيما المحيط الهندي والأطلسي .

السيد سليمان بن حمد

السيد سليمان بن حمد

يأتي في طليعة المستشارين السيد سليمان بن حمد بن سعيد البوسعيدي (١٧٨٢- ١٨٧٣ م) وهو من العائلات المرموقة في زنجبار التي تمتعت بالكثير من الاحترام في كل من عمان وزنجبار ،
وقد قام السید سعید بن سلطان عند وصوله إلى زنجبار بتعيينه رئيسا للوزراء ، وقد حظي بثقته ، لدرجة أن السيد سعيد كان يعينه وصيا على الحكم كلما توجه إلى عمان ، وذلك قبل أن يكبر أولاده ويتولوا مقاليد الحكم .

الشيخ محيي الدين القحطاني الوائلي

يعد الشيخ محيي الدين القحطاني الوائلي ١٧٩٠ – ١٨٦٩م من أبرز قضاة زنجبار، ويعتبر احد المستشارين المقربين للسيد سعيد وابنه السيد ماجد، وكثيرا ما اعتمد عليه السيد سعيد في المهام الصعبة ، وكان موضع احترام وتكريم من كافة الناس في نواحي شرقي أفريقيا.

مواضيع مشابهة

نسب قبيلة الكندي في سلطنة عمان

bayanelm

النظام الاساسي في رئيس الدولة لسلطنة عمان

bayanelm

نسب قبيلة الجابري في سلطنة عمان

bayanelm