تاريخ

التراث العالمي المفهوم والاهمية

التراث العالمي المفهوم والاهمية

مفهوم التراث ..
يقصد بالتراث ذلك الإنجاز التاريخي الذي خلفته لنا الأجيال السابقة، في كافة المجالات الفكرية والثقافية والمعمارية، وأصبح
شاهدًا أو دليلاً على حضارات وثقافات عظيمة قامت في حقبة تاريخية معينة.

والتراث لغة مصدر من الفعل ورثَ إذ يقال: وَرَثَ فلانًا أي انتقل إليه مال فلان بعد وفاته، ويقال: وَرَثَ المال والمجد عن فلان إذا صار مال فلان ومجده إلیه.

ويطلق على التراث ذي الطابع الحضاري والثقافي الذي تدخّل في صنعه الإنسان تراثًا ثقافيًا، أما التراث الذي لم يتدخل الإنسان في صنعه؛ بل هو ما تكون بفعل عوامل الطبيعة مثل المحميات الطبيعية أو المائية ذات الأهمية الإيكولوجية والتكوينات الجيولوجية والطبيعية والمواقع الخلابة الساحرة ذات القيمة الجمالية، فيُطلق عليه التراث الطبيعي.
ومن أنواع التراث ما يمكن نقله وتحريكه بسهولة ويسر مثل الرسومات والتماثيل وغيرها، ومنه ما يصعب تحريكه أو نقله من
مكان إلى آخر مثل المساجد أو المعابد أو القصور أو القلاع التاريخية.

ويعد التراث الثقافي والطبيعي كنزا من كنوز الأرض للإنسان، ومصدرا للحياة والاستقرار، ومرجعا لهوية وثقافة تلك الشعوب
التي استوطنت تلك الأماكن. وحسب المادة (١) من اتفاقية حماية التراث الثقافي والطبيعي، الصادرة عن منظمة اليونسكو في نوفمبر ١٩٧٢م، فإن التراث
الثقافي يعنى بـ :

الآثار: الأعمال المعمارية، وأعمال النحت والتصوير على المباني، والعناصر أو التكاوين ذات الصفة الأثرية، والنقوش،
والكهوف ومجموعات المعالم التي لها جميعا قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ أو الفن أو العلم.

المجمعات : مجموعات المباني المنعزلة أو المتصلة، التي لها بسبب عمارتها، أو تناسقها، أو اندماجها في منظر طبيعي، قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ، أو الفن، أو العلم.

المواقع: أعمال الإنسان، أو الأعمال المشتركة بين الإنسان والطبيعة، وكذلك المناطق بما فيها المواقع الأثرية التي لها قيمة
عالمية استثنائية من وجهة النظر التاريخية أو الجمالية، أو الإنثولوجية (التراث الأدبي)، أو الأنثروبولوجية (علم الإنسان).

أما التراث الطبيعي فحسب ما جاء في المادة (٢) من الاتفاقية فيشتمل على:

المعالم الطبيعية المتألفة من التشكلات الفيزيائية أو البيولوجية، أو من مجموعات هذه التشكلات، التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة النظر الجمالية، أو الفنية.

التشكلات الجيولوجية أو الفيزيوغرافية، والمناطق المحددة بدقة بموطن الأجناس الحيوانية أو النباتية المهددة، التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر العلم.

المواقع الطبيعية، التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر العلم، أو المحافظة على الثروات أو الجمال الطبيعي.

كيف ظهر مفهوم التراث العالمي ؟
أصبحت الحاجة إلى حماية التراث الثقافي والطبيعي أمرا مهمًا بعد تعرُّض الكثير من المعالم الأثرية ذات الطابع الحضاري
والموروث الإنساني خلال الحربين العالميتين إلى انتهاك ودمار، وهو ما أدى إلى دعوة الكثير من الدول إلى ضرورة التعاون الدولي لحماية التراث الثقافي والطبيعي، فأنشئت منظمة تعنى بإصدار التوصيات والاتفاقيات العالمية بشأن حماية التراث العالمي في جميع دول العالم عرفت بمنظمة (اليونسكو) عام ١٩٤٥م.

وظهر مفهوم التراث العالمي تحديدا عند إنشاء السد العالي عام ١٩٥٩م في مدينة أسوان بجمهورية مصر العربية، حيث تبين أن السد سيصبح بحيرة دائمة المياه، تكون سببا في غرق ودمار الكثير من الكنوز الأثرية المحيطة به خاصة معبد أبو سمبل، عندها تبنت اليونسكو حملة عالمية لحماية هذا المعبد.

فتجاوبت خمسون دولة متبرعة بثمانين مليون دولار أمریكي، فنقل المعبد إلى جزيرة ((فيله)) في أعالي مصر وتم تفكيكه هناك، ومن ثم نقلت أجزاء المعبد إلى جزيرة ((أجلكيا)) المجاورة البعيدة عن أخطار فيضان النهر حيث أعيد ترکيبه فیها.

كيف نحكم على الموقع بأنه تراث عالمي ؟
منذ تبني منظمة اليونسكو عام ١٩٧٢م حماية التراث العالمي، وإصدار اتفاقية خاصة بهذا الشأن، وعدد المواقع العالمية المدرجة في قائمة التراث العالمي يزداد كل عام، حيث بلغ عدد الدول التي لديها مواقع مسجلة في قائمة التراث العالمي حتى ٣ يونيو عام ٢٠٠٧م ١٧٧ دولة، وبلغ عدد المواقع المدرجة في القائمة ٨٥١ موقعا منها ٦٦٠ موقعا ثقافيًا و١٦٦ موقعا طبيعيًا و٢٥ موقعا ثقافيًا وطبيعيًا. ومع هذا التزايد المستمر في اكتشاف المواقع الأثرية ذات الصبغة الاستثنائية والقيمة العالمية قامت لجنة التراث العالمي بوضع معايير مقننة لاختيار الموقع التراثي وإدراجه ضمن قائمة التراث العالمي والمعايير هي:

معايير خاصة بالمواقع التراثية الثقافية :
١- أن تمثل تحفة رائعة للفكر والإبداع الإنساني، وذلك من خلال الرسوم أو النحت والتصوير.
٢- أن توضح العلاقات التبادلية في القيم الإنسانية، في فترة زمنية أو منطقة ثقافية من العالم.
٣- أن تركز بشكل فريد أو استثنائي على تقاليد ثقافية أو حضارة باقية أو مندثرة.
٤- أن تبرز نمطا معماريًا أو تكنولوجيًا فريدا خلال حقبة تاريخية مهمة.
٥- أن تمثل ثقافة لمستوطنة بشرية بارزة وذات تقاليد وأفکار ومعتقدات وأعمال أدبية وفنية استثنائية.

معايير خاصة بالمواقع الأثرية الطبيعية :
١- أن تكون بمثابة سلسلة تاريخية تحكي مراحل الحياة للإنسان، وعمليا كشكل سطح الأرض.
٢- أن تشمل ظواهر طبيعية ذات جمال طبيعي ، أو بيئة نباتية أو حيوانية أو مائية فريدة من نوعها .
٣- أن تكون ذات طبيعة أصيلة من التنوع في الكائنات الحية ، وهي مهددة بالانقراض .

ولإدراج الموقع في قائمة التراث العالمي لأي دولة فإنه يشترط أن تكون الدولة من الدول الموقعة على اتفاقية حماية التراث العالمي، ثم تعد قائمة بأهم المواقع الأثرية فيها ذات القيمة العالمية الاستثنائية، وعندها يتم اختيار ما يمكن ترشيحه من هذه القائمة ليدرج ضمن قائمة التراث، وعلى الدولة أن توضح أهمية الموقع الأثري ومدى قدرتها علی المحافظة علیه و حمایته وإدارته.

التراث العالمي … وأهميته:
يمثل التراث العالمي أهمية كبيرة سواء على المستوى المحلي أم على المستوى العالمي، فالتراث يعرّفنا بالحضارات الإنسانية التي عاشتها الأجيال السابقة، وحياتها وطريقتها، وكيفية تأقلمها مع الظروف الحياتية في تلك الفترة. كما يمثل التراث هوية البلد وعظمتها، فكثير من بلدان العالم يُعرف من خلال تراثها، فعلى سبيل المثال المملكة المتحدة
تعرف بساعة (Big Bin) الشهيرة، وجمهورية الهند تعرف بتاج محل، وإيطاليا تعرف ببرج بيزا المائل، وتعرف السلطنة بأنها بلاد القلاع والحصون وهكذا …

والتراث بحد ذاته وسيلة لتلاقي الحضارات وتعارف الشعوب، وتجنب الاصطدامات، والتعاون في الأزمات، بالإضافة إلى أنه مصدر لتطوير الاقتصاد لأي دولة، عندما يتجه كثير من الناس إلى السياحة، بهدف زيارة المواقع الأثرية، والتعرف إلى عادات وتقاليد وثقافات تلك الشعوب. وهنا تعمل السياحة في تنمية البلد وتطوير بنيته التحتية، وإيجاد فرص عمل في تلك الدولة.

مواضيع مشابهة

المدارس الفكرية في الاسلام

bayanelm

عوامل ازدهار الحضارة الإسلامية

bayanelm

حضارات بلاد الشام

bayanelm