تهيمن آسيا، وخاصة الصين والهند، على سوق استهلاك الذهب العالمي. ففي الصين، هناك تحول في تفضيل المستهلك للتصاميم خفيفة الوزن ذات تكاليف العمالة المنخفضة. ومن المدهش أن المناطق الريفية في الهند تمثل 60% من استهلاك الذهب في البلاد. وتضيف حساسية السوق الفريدة للأمطار الموسمية والمنتجات الزراعية ودخل الحصاد ديناميكية معقدة ورائعة إلى نمط استهلاكها. والنمو الكبير في الطلب على الذهب في هذه المناطق يشكل علامة واعدة لسوق الذهب العالمية.
تظل الولايات المتحدة مستهلكاً كبيراً للذهب في أميركا الشمالية، رغم تراجع الطلب على المجوهرات في السنوات الأخيرة بسبب تفضيلات المستهلكين والظروف الاقتصادية. وتظل كندا سوقاً مستقرة للذهب. وفي أميركا الجنوبية، يقل الإنفاق على الذهب عن الإنفاق في أوروبا وآسيا. وتتصدر البرازيل قائمة الدول المستهلكة للذهب للاستثمار والمجوهرات، تليها بيرو وكولومبيا، اللتان تتمتعان بأسواق ذهب متنامية، وغالباً ما ترتبط بصناعات التعدين المحلية.
في أوروبا، يتم شراء الذهب لأغراض الاستثمار وليس المجوهرات. وتتميز سويسرا على وجه الخصوص بارتفاع استهلاك الفرد من الذهب، مع تفضيل السبائك والعملات المعدنية على المجوهرات. يستثمر الألمان في الذهب كشبكة أمان لمواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة. تتبع المملكة المتحدة وغيرها من دول غرب أوروبا نمطًا استهلاكيًا مشابهًا لشراء الذهب للاستثمار وليس المجوهرات.
وتعكس منطقة الشرق الأوسط، حيث تلعب الإمارات العربية المتحدة دوراً محورياً، أنماط شراء قوية للذهب. وتشتهر دبي بشكل خاص بأسواق الذهب الرائعة وسوق المجوهرات القوية، مما يبرز الدور المهم الذي تلعبه المنطقة في سوق الذهب العالمية. كما يتمتع الشعب التركي بعلاقة قوية بالذهب ويشتريه للحماية من التضخم. وتتمتع دول الخليج الأخرى، مثل المملكة العربية السعودية وعمان والكويت، بأنماط استهلاك عالية للذهب للاستثمار والمجوهرات.
يختلف استهلاك الذهب بشكل كبير في القارة الأفريقية. ورغم كونهم من كبار منتجي الذهب، فإن استهلاكهم منه متواضع مقارنة بمستويات إنتاجهم. وتشتهر مصر بأنها المستهلك الأكبر للذهب في شمال أفريقيا وبكونها مرتبطة ثقافيًا بشكل عميق بالمجوهرات الذهبية. ورغم أن استهلاك الذهب في دول غرب أفريقيا مثل غانا ونيجيريا أقل عادة من استهلاكه في آسيا أو الشرق الأوسط، فإن هذه الأسواق آخذة في التوسع.
تختلف اتجاهات استهلاك الذهب في أستراليا وأوقيانوسيا عن تلك الموجودة في مناطق أخرى. فأستراليا، وهي منتج كبير للذهب، لديها استهلاك محلي منخفض نسبيًا للذهب، وتفضل الاستثمار في الذهب بدلاً من المجوهرات. وعلى الرغم من أن بعض ثقافات جزر المحيط الهادئ تقدر الذهب تقديرًا عاليًا، فإن نيوزيلندا ودول جزر المحيط الهادئ الأخرى تستخدم كميات قليلة جدًا من الذهب مقارنة بمواقع مختلفة.
إن استخدام الذهب في الإلكترونيات والتطبيقات التقنية الأخرى آخذ في النمو، مما يعطي بعدًا آخر للطلب العالمي على الرغم من أنه أقل من الطلب على المجوهرات أو الاستثمارات. ورغم أن شعبية الذهب كاستثمار أو مجوهرات تختلف في جميع أنحاء العالم، فمن الأهمية بمكان أن نتذكر أن الاستثمار في الذهب يجب أن يقتصر على 10% من أجل محفظة استثمارية متوازنة ومتنوعة.
يتأثر استهلاك الذهب بأسعار السوق والتفضيلات الثقافية والمواقف الاقتصادية والجيوسياسية التي تؤثر على الطلب على الذهب. وسوف تتغير القيمة التي وضعتها الحضارات على هذا المعدن الثمين مع مرور الوقت والتطور. وسوف يستمر الذهب في لعب دور مهم في الاقتصاد الدولي لفترة طويلة.