عوامل ازدهار الحضارة الإسلامية
قامت الحضارة الإسلامية على أسس دينية متينة في عهد الرسول ، وقد اشتد عودها خلال عهد الخلفاء الراشدين،
ثم اتسعت رقعتها زمن الأمويين، كما أفادت من الازدهار الاقتصادي، والاستقرار السياسي، الذي ساد العصر العباسي
الأول (١٣٢-٢٣٢هـ)، ثم تعمقت جذورها في العصر العباسي الثاني (٢٣٢-٦٥٦هـ) وما ظهر بعد ذلك من نتاجات حضارية.
ويهمنا في هذا الدرس أن نبيِّن العوامل التي أسهمت في ازدهار الحضارة الإسلامية وعُدَّتْ مصدرًا من مصادر قوتها الأساسية:
1- الدين الإسلامي:
حثَّ الإسلام على البحث والدراسة، فهيأ بذلك مناخًا ملائمًا لازدهار الحضارة وتطورها، كما أن الإسلام بمبادئه القائمة على العدل والمساواة استطاع أن يوجه القدرات المبدعة للشعوب التي ضمتها هذه الحضارة، فأضافت إلى حصيلة الإنتاج الحضاري الإسلامي.
2- جهود الخلفاء:
قُيِّضَ للحضارة الإسلامية، بعد وفاة الرسول الكريم َ 8، وجود خلفاء وحكام برزوا بجهودهم المتنوعة وأفقهم الواسع، وقدرتهم التنظيمية والإصلاحية، ومن الخلفاء الذين قاموا بدور بارز في دفع الحضارة الإسلامية إلى الأمام :
أبو بكر الصديق: قضى على المرتدّين، وجمع القرآن الكريم، وباشر الفتوح في العراق وبلاد الشام.
عمر بن الخطاب: قام بتنظيمات إدارية، وأسس التأريخ الهجري، كما كان له جهود كبيرة في استكمال فتح العراق وفارس وبلاد الشام ومصر.
عثمان بن عفان: أنشأ الأسطول الإسلامي، وأكمل عملية الفتح الإسلامي.
علي بن أبي طالب: قام بمجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والإدارية.
عبد الملك بن مروان: عرّب الدواوين، وسك النقود العربية، وقام بالفتوحات الكبرى في الشرق والغرب.
الوليد بن عبد الملك: بنى الجامع الأموي، ومسجد قبة الصخرة، وأعاد بناء المسجد الأقصى، واستكمل جهود والده
في فتح الأندلس.
عمر بن عبد العزيز: أمر بعض العلماء بجمع الحديث النبوي الشريف وتدوينه ووَكَلَ هذه المهمة إلى واليه على المدينة المنورة أبي بكر بن حزم، كما قام برد المظالم إلى أهلها، وجعل الناس سواسية، واستحدث مجلسا للشورى مُكوَّنًا من خيرة علماء عصره وأفضلهم، ووحّد المكاييل والموازين في سائر أرجاء الدولة.
أبو جعفر المنصور: المؤسس الحقيقي للدولة العباسية، الذي عمل على وضع تنظيمات أساسية في إدارتها، وبنی مدینة بغداد.
المأمون: استكمل جهود والده هارون الرشيد في رعاية المفكرين والمترجمين، وطَوَّرَ دار الحكمة التي أنشأها
الرشيد، وزوّدهابمختلف الكتب والمقتنيات الفنية والعلمية.
سليمان القانوني: يُعد من أشهر السلاطين العثمانيين، وقد أدخل إصلاحات كبيرة على النظام القضائي، كما اهتم بالعمارة الإسلامية؛ فقد بنى جامع السليمانية بإسطنبول.
3- الازدهار الاقتصادي والاستقرار السياسي :
شهدت الحضارة الإسلامية استقرارًا سياسيًا لمدّة زمنية طويلة أثمرت ازدهارًا ورخاءً شمل كل القطاعات الاقتصادية، كما ضمت أراض واسعة، غنية بالموارد الاقتصادية والخيرات، وقام الخلفاء وعمال الولايات، برعاية الزراعة والصناعة والتجارة، وهو ما أدى إلى إنشاء قاعدة اقتصادية متينة، استند إليها البناء الحضاري الإسلامي.