
احمد بن ماجد اسد البحار
أحمد بن ماجد: أمير البحر وخبير زمانه في المحيط الهندي
يُعد أحمدُ بنُ ماجدٍ بن محمدٍ (821هـ-906هـ/1418-1501م)، المعروف بلقب “النجدي”، أحد أعظم الملاحين والجغرافيين العرب في التاريخ الإسلامي. وُلد في مدينة جلفار، التي تقع اليوم ضمن أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة، ونشأ في عائلة عريقة في فنون الملاحة البحرية، حيث كان والده وجده من البحارة المعروفين في المحيط الهندي.
النشأة والنسب
ينتسب أحمد بن ماجد إلى القبائل العدنانية من تهامة ونجد والحجاز. وقد نشأ في بيئة بحرية بحتة، إذ كان والده وجده ملاحَيْن بارعين. تحدّث في إحدى قصائده عن نسبه إلى بني سعد بن قيس عيلان.
علمه وثقافته
كان ابن ماجد من القلائل الذين جمعوا بين العلم العملي والنظري، فقد أتقن القراءة والكتابة، في زمن كان غالبية البحارة أميين. كما كان ملمًا باللغة العربية وآدابها، ومتبحرًا في الفلك والجغرافيا والتاريخ، إضافة إلى إلمامه بلغات أخرى كالفارسية والتاميلية والسواحيلية.
إسهاماته في علم الملاحة
ألّف أحمد بن ماجد أكثر من أربعين عملاً علميًا بين نثر وشعر، وكان أبرزها:
- كتاب “الفوائد في أصول علم البحر والقواعد”، الذي يُعد مرجعًا أساسيًا في علم الملاحة.
- كتاب “المنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر”.
- قصائد وأراجيز تعليمية تُستخدم لتبسيط مفاهيم الملاحة للبحارة.
طوّر أدوات ملاحية عديدة، من أهمها “الحُقّة”، وهي شكل مطوّر من البوصلة، وأوجد صلة بين البوصلة والقياس بالأصابع لتحديد الاتجاهات.
حقيقة إرشاده لفاسكو دا غاما
شاع في القرن العشرين أن أحمد بن ماجد هو من أرشد البحار البرتغالي فاسكو دا غاما إلى الهند. غير أن هذا الادعاء غير مثبت تاريخيًا. لم يذكر ابن ماجد نفسه هذه الواقعة في أي من كتاباته، ولم ترد في مصادر برتغالية معاصرة. المؤرخ سلطان بن محمد القاسمي فنّد هذه القصة في تحقيقاته وأكد خطأ نسبها إليه.
أثره العلمي
يُعرف ابن ماجد بلقب “معلم بحر الهند” و”أسد البحار”، وقد اعترف بفضله علماء الملاحة المسلمون، مثل سيدي علي رئيس، الذي استخدم مؤلفاته كمصادر رئيسية في كتابه “المحيط في علم الأفلاك والأبحر”.
وفاته وإرثه
توفي ابن ماجد سنة 906هـ/1501م، إلا أن إرثه العلمي بقي خالدًا. أسهم بشكل حاسم في ترسيخ أسس علم الملاحة البحرية، وظلّت مؤلفاته تُدرّس وتُحلّل عبر القرون، وتُعتبر حجر الأساس في فهم الملاحة العربية والإسلامية.
أحمد بن ماجد لم يكن مجرد بحار، بل كان عالمًا موسوعيًا، جمع بين العلم والتجربة، وترك أثرًا عميقًا في مسيرة العلوم البحرية في العالم العربي والإسلامي.
الرابط المختصر للمقال: https://bayanelm.com/?p=31116