مع تبدد ضباب الخريف، تتحول المناظر الطبيعية في محافظة ظفار إلى مشهد خلاب، حيث تغطي الخضرة النابضة بالحياة معظم المناطق.
وينتظر رعاة الأغنام ومربي الماشية في الجبال بدء الأنشطة الرعوية والزراعية المشبعّة بالفنون والعادات التقليدية.
رعاة ومربي الماشية من الجبال ينتظرون بدء الأنشطة الرعوية والزراعية، المليئة بالفنون والعادات التقليدية
ومن بين هذه العادات عادة “أخناتوت” التي يمارسها الرعاة الذين يقطنون خارج المناطق المتأثرة بالأمطار، حيث ينقلون مواشيهم إلى المناطق التي تزدهر فيها الأعشاب في سهول القطن والجربيبة.
خلال إقامتهم الأولية، كان السكان يتجمعون تحت سماء مقمرة في أماكن محددة للاسترخاء بعد عملية الانتقال الشاقة، والانخراط في الشعر والفنون والألعاب التقليدية.
ويصف محمد بن أحمد المشيخي، أحد الرعاة، الهجرة الرعوية الحديثة في المناطق الريفية بأنها سهلة نسبيًا بسبب توفر وسائل النقل الحديثة. وقال إن رعاة الأغنام ينقلون الماشية الآن عبر الشاحنات، في حين لا يزال رعاة الإبل يفضلون السفر سيرًا على الأقدام بسبب القيود اللوجستية والتكاليف.
ويروي سعيد بن محمد زبنوت، أحد سكان منطقة حدبين، تفاصيل هجرة الماشية قديماً. فقد كان الرعاة يستخدمون ممرات ومنافذ مختلفة عبر سلسلة جبال سمحان، بما في ذلك ممر “خرش أفيدهوق” الصعب للإبل والأغنام، وممر “شرار وأنسود وأغبير” للأغنام. وكان رعاة الإبل يتبعون ممر “أورم إنشيت” من أقصى الشرق “حدبين” إلى أقصى الغرب “شعبون”، مع منافذ متعددة تؤدي إلى الريف.
يظل “أخناتوت” شاهداً على التقاليد الأصيلة والعلاقة العميقة بين الإنسان وبيئته في ريف ظفار، ويبرز التنوع التراثي الغني لسلطنة عمان، ويعزز التعاون والتضامن بين الرعاة ومربي الماشية مع إحياء التراث الفني والثقافي.